نقلت هيئة الإذاعة عن مكتب التجارة العادلة (Office of Fair Trading) البريطاني عن نيته في القيام بدراسة تضمن أن القوانين المعمول بها في عمليات التبادل التجاري الإلكتروني قادرة على حماية المستهلك.
وكما تقول أدبيات المكتب، فإن الهدف الأساسي من وراء تأسيسه هو «جعل الأسواق تعمل على نحو جيد لما فيه مصلحة المستهلك... وتعمل الأسواق على نحو جيد عندما تتم الأعمال العادلة في أجواء مفتوحة وتنطلق تلك الأعمال من علاقات تنافسية بين بعضها بعضاً لما فيه مصلحة المستهلك في نهاية المطاف».
وكهيئة مستقلة غير منحازة يمارس المكتب دورا رياديا في مساعدة المستهلك على فهم حقوقه، وحماية مصالحه أينما كان ذلك على مستوى المملكة المتحدة. واكتسب المكتب عناصر قوته من التشريعات المتعلقة بالمستهلك والمنافسة.
وبحسب دراسات ميدانية بشأن الأسواق الإلكترونية البريطانية وأنشطة المستهلكين فيها، قام بها المكتب ونشرها على موقعه (http://www.oft.gov.uk/News/Press+releases/2006/81-06.htm) فإن هناك ما يربو على 130,000 من الأعمال البريطانية التي تمارس بشكل أو بآخر التجارة الالكترونية، في سوق تمثل ما نسبته 2,5 من المشتريات المنزلية التي تبلغ قيمتها الإجمالية نحو 18 مليار جنيه إسترليني.
وتضيف الدراسة أنه خلال السنوات الخمس عرفت مبيعات التجزئة على الإنترنت، في بريطانيا، نموا بلغ 350 في المئة مقارنة مع 20 في المئة فقط عرفتها الأسواق الأخرى. وتمضي الدراسة قائلة إنه خلال العام 2005 أنفق المتبضع الإلكتروني البريطاني نحو 650 جنيهاً إسترلينياً، وتعتقد الدراسة أن هذا الرقم سيقفز إلى ما يربو على 860 جنيهاً، إسترلينياً بحلول العام 2010.
وتناولت دراسات أخرى قام بها المكتب مخاوف المتبضع الإلكتروني على صعيد سلامة وأمان مدفوعاته الإلكترونية، إلى جانب تلك المشكلات التي قد تنجم عند تسليم البضاعة أو أثناء شحنها.
الملفت للنظر في موقع المكتب، هو أنه إلى جانب الدراسات الغنية بالمعلومات التي تخاطب الزائر عموماً، مستهلكا كان أم بائعا أم مشرعا، هناك قنوات خاصة تتوجه نحو المستهلك اولا، ثم من يدير الأعمال ثانيا.
وفي قناة المستهلك يطالع الزائر إرشادات كثيرة من بين أهمها، على سبيل المثال لا الحصر، تلك التي تخاطب ذلك المستهلك قبل إقدامه على شراء بضاعة ما، قائلة... هل تود أن تعرف قبل ما الذي ستبحث عنه عندما تزمع شراء سيارة مستعملة، أو عندما تكتشف ان غسالة الثياب الجديدة التي اشتريتها لا تعمل، كما يجب؟
تمضي صفحة الزائر في مخاطبة المستهلك قائلة «قبل أن تقدم على شراء شيء ما، خاصة إن كان هذا الشيء باهظ الثمن، عليك أن تعرف إجراءات الحيطة والحذر التي ينبغي أن تتسلح بها كمستهلك».
قد تبدو بعض الأمور التي ستجدها هنا وكأنها من المسلمات أو تلك التي بات يعرفها الجميع، لكن - وكما يعتقد الموقع- من الأفضل أن تثيرها أمام نفسك قبل أن تقدم على خطوة ذات علاقة بالتبضع.
- هل البضاعة التي أنت على وشك شرائها هي البضاعة التي تبحث عنها؟
- هل هي في نطاق امكاناتك المالية؟
- كيف ستتولى عملية التسديد: نقدا، بواسطة بطاقة الإئتمان، شيكاً مصرفياً أم عبر وسيلة أخرى؟
ومن هنا ينطلق الموقع كي يجعل المستهلك واعيا أيضا بالحقوق التي يتمتع بها بعد إتمام عملية البيع، والخدمات المتوقعة في ذلك السياق.
يقيم الموقع نظاما متكاملا يحدد العلاقة بين المستهلك ومؤسسات الأعمال، عبر قنوات في غاية السهولة والسلاسة. الأمر الجوهري فيها أنها تحتكم دائما إلى مصلحة المستهلك قبل الأعمال، لكن من دون إجحاف لحقوق هذه الأخيرة.
وعندما ينتقل الزائر من قناة المستهلك إلى قناة الأعمال يجد أمامه مجموعة متكاملة من الصفحات الغنية بالمعلومات التي تثري عقل من ينوي ممارسة الأعمال سواء كان ذلك عبر الإنترنت أو في أي من الأسواق الأخرى.
نجد هنا قائمة بالقوانين التي تبدأ بالبسيطة والتي تنظم أمورا مباشرة مثل عمليات التنافس وتحدد أطرها العامة، ثم ترتقي في التطور لتضع أمام قارئها قواعد عامة تحفل بالإرشادات بشأن كيفية استحواذ (acquestion) أو عمليات الدمج (merger)، ولايقف الأمر عند هذا الحد بل يجد الزائر أيضا معلومات تتعلق بكيفية بناء علاقات سليمة بين أصحاب الأعمال والمستهلك.
تثير تلك الأرقام، والمعلومات التي يجدها القارئ في موقع المكتب قضايا كثيرة في ذهن المواطن العربي يصادف يوميا كما هائلا حول مشروعات جديدة ومن بينها تلك التي تقع في نطاق عمليات البيع والشراء الإلكترونية.
وأول ما يواجه المواطن العربي في خضم تلك المعلومات ذات العلاقة بتلك المشروعات هو التأكيد على التقنيات المستخدمة فيها أو تلك التي تتطلبها. نادرا ما تطالعنا تلك الأدبيات بأي شيء مشابه لما يجده القارئ على موقع مكتب التجارة العادلة، وخصوصاً تلك الإرشادات التي تجعل من عمليات البيع والشراء مسألة سهلة سلسة يستمتع بها ويستفيد منها كافة القوى الضالعة فيها.
الأمر الملفت للنظر فيما يطالعه الزائر لموقع المكتب أن المدخل الذي يحدد مسار المكتب في معالجته للأمور ليس مدخلا تقنيا حتى عندما يناقش قضايا ذات علاقة مباشرة بالتكنولوجيا. ومما لا شك فيه ان للتكنولوجيا أهميتها ودورها، وهي الأخرى بحاجة إلى من يزرع الوعي بأهميتها والطرق الأفضل لاستخدامها والأكثر جدوى للاستثمار فيها. وبالتالي فهناك حاجة ملحة لتوعية كل من المستهلك وأصحاب الأعمال بالجوانب كافة التي تنظم العلاقة بينهما عند استخدامهما لأي شكل من أشكال التكنولوجيا، لكن الأهم من ذلك كله هو خلق الأرضية القانونية التشريعية التي سيمارس الجميع فوقها أنشطتهم. وهذه المسألة هي التي تستحوذ على ما يجده الزائر من معلومات على موقع المكتب.
هذا الأمر يزداد إلحاحا عندما تصبح الدولة أو المؤسسات الحكومية ظرفا في العملية، ليس بوصفها طرفا منفذا أو مشرعا فحسب، وإنما عندما تكون هي أحد طرفي معادلة البيع والشراء: أي بائعا عندما توفر خدمات تتقاضى من ورائها بعض الأموال، أو مشتريا عند ما تحتاج إلى تنفيذ بعض المشروعات.
واليوم وعندما نقرأ في الكثير من المطبوعات الرسمية وغير الرسمية عن دخول الدول العربية ومن بينها البحرين عالم الحكومات الإلكترونية ذات العلاقة المباشرة بموضوعات البيع والشراء، لكن هذه المرة عبر منصة الكترونية، لابد وأن تكون متطورة كي يكون في وسع أداء العمليات المطلوب منها القيام بها
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ