حسنا... هل علينا الاستمرار في هذا السجال العقيم الذي لن يقدم ولن يؤخر في أحوال اعترت وتعتري الساحة الشعرية الشعبية البحرينية؟
معظم الكتابات والمماحكات وردود الفعل الصادرة من هنا وهناك، لا تعدو كونها محاولة لإعادة انتاج الأزمات، على رغم أن تلك الأزمات لم يوح الزمن ولا الظروف من حولها بأنها تبعث على أي إغراء من أي نوع لإعادة الإنتاج ذاك.
الحلول دائما ما تكون غائبة، أو مغيبة، وكثير منا يعرفون السبب، إما لأن الحلول غير واردة، ولم تخطر على بال المماحكين، أو لأنهم لا يملكون ادعاء أنهم قادرون على رميها في وجوهنا والوجوه «المتعددة» لهذه الساحة. واذا تجاوزنا واقع الصورتين: عدم ورود تلك الحلول على البال، أو عدم امتلاكها، فلن نسلم من حيلة جاهزة وباتت مكررة: ليست وظيفة الكاتب تقديم الحلول، دوره إثارة واقع الأزمات! حسنا... وماذا بعد؟ تمت اثارة ذلك الواقع، وصب الزيت عليه، وباتت النار قادرة على الامتداد الأفقي، اذ للأزمات تلك قدرة عجيبة على مد مظلة خرابها وهشيمها بشكل عمودي، ولحظتها تصبح اثارة أمر أن حريقا هناك يعصف بالكائنات والأشياء لن يضع حدا له، ما لم يبادر كل واحد منا الى محاولة الحيلولة دون امتداده واستشرائه، من دون أن تكون محاسباً في حال عدم تمكنك من اطفاء الحريق، اذ على الأقل بادرت، ومثل تلك المبادرة مقدمة ربما لكتاب طويل من الحلول.
نعلم أن الساحة تملك إمكانات شعرية ملفتة ومبهرة وتستحق أن تأخذ فرصتها ومكانتها بصورة أفضل مما هي عليه الآن، ولكن لنعترف في الوقت نفسه بأن الوزن والقافية واللغة والمضامين المبتكرة لا يمكن لها أن تحصن الشاعر من مزالق ومآزق تكمن له بالجملة، وما يمكن أن يحصنه هو ما بعد النص/ القصيدة، اذ هو ما يرفد تلك القصيدة بتجدد حيويتها وعنفوانها وقدرتها على أن تظل طرية وطازجة كندىً صباحي، وأعني به التأسيس المعرفي. والقصيدة لا تؤسس لمعرفة ولم تدع يوما أنها فعلت ذلك. الانفتاح على الثقافات والمعارف وتنوع الحقول وقراءتها بوعي كبير، وليست قراءة ما قبل النوم، في تعامل فج وانتهازي معها كتعامل أحدهم مع أقراص النوم هرباً من صحوة ضجرة وسهر ممض.
ساحة عدد المنفتحين فيها على ذلك الضرب والشرط في القراءة لا يتجاوزون أصابع اليدين، كيف يطلب منها أن تتصدى للحلول مادامت غير قادرة على التصدي الى ما هو أسهل، وما هو متوائم مع امكاناتها: الأزمات، وافتعالها؟! ولتذهب «الساحة ورجالاتها» الى الجحيم، مادامت المساحات لإعادة ذلك الانتاج مؤمّنة - ليس مهمّا أن تكون بالأبيض والأسود أو حتى بالألوان - ومادامت الصورة في صدر تلك المساحة
إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"العدد 1331 - الجمعة 28 أبريل 2006م الموافق 29 ربيع الاول 1427هـ