العدد 1330 - الخميس 27 أبريل 2006م الموافق 28 ربيع الاول 1427هـ

المشرع أكد حرية الصحافة و«العقوبات» يشدد الخناق

حبس الصحافي (2/3)

عقيل ميرزا aqeel.mirza [at] alwasatnews.com

مدير التحرير

لما كان المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر في مملكة البحرين يعتبر أول قانون ينظم حرية الصحافة والصحافيين وإصدار الصحف وتأديب الصحافي، وهو بذلك يختلف عن المرسوم بقانون رقم (14) لسنة 1979 في شأن المطبوعات والنشر من حيث الجوهر والتنظيم فيما يتعلق بالصحف والصحافيين ولما كانت المسئولية الجنائية للجرائم التي تقع بواسطة النشر في الصحف هي ما تستحوذ على اهتمام الرأي العام وما اهتمت به الصحافة في البحرين خلال بدء مناقشة قانون الصحافة والطباعة والنشر في مجلس النواب، وقبل استعراض نصوص المسئولية الجنائية في القانون لابد أن نؤكد أن المشرع أكد على أن «تؤدي الصحافة رسالتها بحرية وباستقلال، وتستهدف تهيئة المناخ الحر لنمو المجتمع وارتقائه بالمعرفة المستنيرة وبالإسهام في الاهتداء إلى الحلول الأفضل في كل ما يتعلق بمصالح الوطن وصالح المواطنين» م (27) من القانون. كما أكد المشرع أنه «لا يجوز مصادرة الصحف أو تعطيلها أو إلغاء ترخيصها إلا بحكم من القضاء» م (28)، وذهب إلى أن «الصحافيين مستقلون لا سلطان عليهم في أداء عملهم لغير القانون» م (29)، وبذلك تمثل هذه المبادئ أركانا أساسية من أركان حرية الصحافة والصحافيين، وهي ما يعتمد عليها المشروع الإصلاحي لجلالة الملك في دفع مسيرة الديمقراطية، من خلال تدعيم مؤسسات الدولة الدستورية التي تهدف إلى رفع المستوى المعيشي للمواطن بدفع عجلة التنمية، ولن يتأتى ذلك إلا بصحافة حرة ونزيهة لها وعليها مسئولية تجاه الوطن والمواطنين. وعليه فإن القانون ذهب في الفصل السادس إلى تنظيم المسئولية الجنائية للجرائم التي تقع بواسطة النشر في الصحف، وإذ إن قانون العقوبات عالج جرائم القذف والسب وإفشاء الأسرار في الفصل الرابع، فقد ارتكن إليه القانون موضوع البحث في النصوص من (68) حتى (71) في شأن عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر. فقد ذهب قانون رقم (47) إلى إقرار عقوبة الحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر في المادة (68) التي ذهبت إلى أنه «مع عدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات أو أي قانون آخر يعاقب على نشر ما يتضمن فعلاً من الأفعال الآتية بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر:

- التعرض لدين الدولة الرسمي في مقوماته وأركانه بالإساءة أو النقد.

- التعرض للملك بالنقد أو إلقاء المسئولية عليه عن أي عمل من أعمال الحكومة.

- التحريض على ارتكاب جنايات القتل أو النهب أو الحرق أو جرائم مخلة بأمن الدولة إذا لم تترتب على هذا التحريض أية نتيجة.

- التحريض على قلب نظام الحكم أو تغييره.

وفي حال العودة خلال 3 سنوات من تاريخ الحكم في الجريمة السابقة تكون العقوبة السجن مدة لا تزيد عن 5 سنوات، وذلك مع عدم الإخلال بتوقيع العقوبات التكميلية المنصوص عليها في المادة (75) من هذا القانون».

وبذلك ذهب القانون إلى فرض قيود واسعة على العمل الصحافي من خلال الفقرة (ج) و(د) إذا سلمنا بضرورة الحبس في الفقرة (أ) و(ب) فإن الفقرتين الأخيرتين أطلقت العنان لحبس الصحافي في عناوين كبيرة يمكن أن تنفذ إليها السلطة التنفيذية في معاقبة الصحف والصحافيين الذين لا يتفقون مع توجهاتها، ما يشوب هذا النص شبه بعدم الدستورية لتعارضه مع أحكام الدستور التي تنص في المادة (24) منه على «حرية الصحافة والطباعة والنشر». وكذلك أكد عليها في نص المادة (23) «ولكل إنسان حق التعبير عن رأيه ونشره بالقول أو الكتابة أو غيرهما»، وفي كل ذلك طبعاً وفقاً للشروط والأوضاع التي يبينها القانون وهذا من المسلمات القانونية.

إلا أن قانون الصحافة ذهب إلى الاكتفاء بعقوبة الغرامة في نص المادة (69) و(70) و(71) مع التمسك بعدم الإخلال بأية عقوبة أشد ينص عليها قانون العقوبات، فأصبحت نصوصه تحكم الجرائم المنصوص عليها في المواد (72) و(73) و(74) و(75)، إذ يعاقب بموجبها رئيس التحرير وكاتب المقال كما يشدد نص المادة (73) في ذهابه على أنه «لا يعفى من المسئولية الجنائية بشأن ما نص عليه في المواد السابقة مجرد الاستناد إلى الكتابات أو الرسوم أو الصور أو الرموز أو طرق التعبير الأخرى إلى آخر النص» الذي يتضح معه نهج المشرع المتشدد تجاه العمل الصحافي وهو ما يظهر جلياً في نص المادة (75) الذي أجاز للمحكمة الحكم بتعطيل الصحيفة مدة لا تزيد على 6 أشهر وإذا حكم بالعقوبة مرة ثانية على رئيس التحرير أو المحرر المسئول في الصحيفة ذاتها في جريمة من الجرائم المذكورة وقعت خلال السنة التالية لصدور الحكم السابق، حكم بتعطيل الصحيفة مدة لا تقل عن 3 أشهر ولا تزيد على سنة مع جواز الحكم بإلغاء الترخيص وبذلك يتضح وبجلاء مدى التشدد، كما بين نص المادة (74) مسئولية رئيس التحرير الجنائية عما ينشر في الصحيفة ولو تعددت أقسامها وكان لكل منها محرر مسئول عن القسم الذي حصل فيه النشر، كما قرر النص أن تكون الصحف مسئولة بالتضامن مع محرريها عن التعويضات المحكوم بها للغير من جراء النشر فيها وبذلك ربط المشرع بين المسئولية الجنائية والمسئولية التقصيرية في التعويضات، كما رتب القانون في الفصل السابع الإجراءات والمحاكمات الجنائية في جرائم النشر وأخضعها لقانون أصول المحاكمات الجزائية. كما أعطى الاختصاص النوعي للمحكمة الكبرى المدنية بنظر جرائم النشر عن طريق الصحف وغيرها من المطبوعات. وبالنظر إلى جميع النصوص المشار إليها في الفصل السادس من القانون فإن المسئولية الجنائية محكمة على الصحيفة والصحافيين مع الاستشهاد في غالبية هذه النصوص بقانون العقوبات. إذ إن المبدأ القانوني يذهب إلى أن الخاص يقيد العام إلا أننا لاحظنا المشرع جعل من هذه النصوص، العام قيداً للخاص، وهذا ما لا يستقيم قانوناً وظل على إثر ذلك القانون شبه معطل وغير مفعل لما شهده من احتجاج شديد في مملكة البحرين من قبل المشتغلين في الصحافة، وهو ما حدا بأحد الصحافيين ورئيس تحرير صحيفة يومية أن يتقدم بمشروع بقانون بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر إلى مجلس الشورى الذي هو عضو فيه، ورفع إلى الحكومة وأحيل إلى مجلس النواب الذي يناقشه حالياً مع مشروع بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم (47) لسنة 2002 بشأن تنظيم الصحافة والطباعة والنشر

إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"

العدد 1330 - الخميس 27 أبريل 2006م الموافق 28 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً