الطفل عقيل سلمان الصفار من البلاد القديم الذي لم يتجاوز عمره العامين، ذلك الرضيع الذي أرضعه ثدي أمن الدولة المدرار بغازات مسيلات الدموع إذ كان يحسبها ببراءته الطفولية حليباً دافئاً وإذا بها غاز خانق سرى في جسده الطري فنزع روحه نزعاً، فمات من دون إصدار حتى شهادة وفاة له، مات شاهداً على حقبة لا تنفذ فظائعها، ولا تنتهي انتهاكاتها.
مثلما ابيضت عينا يعقوب من الحزن على يوسف وهو يعلم أن ابنه حي يرزق، كذلك ابيضت عينا سلمان من الحزن على «آخر العنقود» فهذا الأب حبيس المنزل كفيف العينيين، وكيف لا تبيض عيناه من الحزن وهو الذي عاش لحظات الفراق المرة لحظة بلحظة وهل يقوى أب على أن ينظر إلى فلذة كبده الرضيع الذي لا حول له ولا قوة مريضاً بالسعال أو ارتفاع درجة الحرارة حتى يقوى على النظر إليه معتفرا لا يقوى من شدة الاختناق حتى على البكاء الذي هو الوسيلة الوحيدة التي يستخدمها من هم في هذه السن للتعبير عن الألم والضيق والمرض.
عقيل أحد ضحايا أمن الدولة الذين حُفرت مآسيهم على جبين هذه الجزيرة التي سرح ومرح فيها هذا القانون الجائر ثلاثة عقود مرة، وليس من شيء يمكن أن يعوض أه واحدة من آهات ضحاياه، لكن التعويض حق يجب عدم تضييعه ولو لم يكن من حسناته إلا الاعتراف الضمني بالجرم المشهود لكفى
إقرأ أيضا لـ "عقيل ميرزا"العدد 1330 - الخميس 27 أبريل 2006م الموافق 28 ربيع الاول 1427هـ