أرجأ مجلس الصلاحية (التأديب) وهو أعلى هيئة لمحاكمة القضاة في مصر أمس النظر في قضية اثنين من نواب محكمة النقض (أعلى هيئة قضائية في مصر أيضا) إلى 11 مايو/ أيار المقبل. وكان وزير العدل قرر تحويل القاضيين محمود مكي وهشام البسطويسي إلى مجلس الصلاحية بدعوى الخروج على مقتضيات العمل القضائي، وهو المجلس الذي يملك صلاحية عزل القاضي من وظيفته بدعوى افتقاد صلاحيته لهذه الوظيفة.
وعقدت الجلسة الأولى لهذه المحاكمة في ظل أجواء شديدة التوتر بعد أن احتشدت عدة قوى سياسية ومهنية مصرية للتعبير عن تضامنها مع المستشارين مكي والبسطويسي. فاحتشد نحو 400 قاض بأوشحتهم الخضراء في مسيرة من نادي القضاة بوسط العاصمة القاهرة تعبيرا عن رفضهم لهذه المحاكمة مؤكدين أن ما يجري هو «محاولة لكسر إرادة القضاء المصري الذي يتمسك بالاستقلال عن السلطة التنفيذية ويرفض التستر على التزوير» الذي شهدته الانتخابات البرلمانية التي جرت في مصر أواخر العام الماضي.
مصر بلد عجيب فعلا، فمع «الشعارات البراقة» التي تطرح على جميع الصعد من رأس الهرم إلى قاعدته، والصورة المتناقضة للدولة في الخارج بين ممتدح لـ «الديمقراطية المصرية» وذمام لـ «الواقع الحقيقي» المصري، تجد الصراع في الداخل محتدماً بين تيارات مختلفة، ويصارع المواطن الأمرين من أجل العيش ولا من مجيب.
قضية استقلال القضاء أساسية في كل دولة، ومن دون تحقيق ذلك، تعم حياة الناس المتقاضين الفوضى، وذلك بسبب إمكانية تدخل أطراف مختلفة في الأحكام، وسيطرة الدولة على السلك القضائي طبعاً من أسوأ الأمور، فأي عدل يتوقع من قضاء تسيره الحكومات وفقاً لهواها؟
موقف القضاة المصريين منذ أواخر العام الماضي ومطالبتهم باستقلال القضاء والإشراف الحقيقي على الانتخابات، واحتجاجهم الفعلي على عدم تحقق ذلك، خطوات أساسية في الطريق الصحيح نحو تحقيق العدالة للشعب المصري، فلابد من إكمال المسيرة حتى تحقيق الخير
إقرأ أيضا لـ "خليل الأسود"العدد 1330 - الخميس 27 أبريل 2006م الموافق 28 ربيع الاول 1427هـ