تشرفت «الوسط» بافتتاح وزير الصناعة والتجارة حسن فخرو مطبعتها الحديثة على شارع الاستقلال، الرفاع الشرقي، يوم أمس، كما تشرفت بمشاركة محافظ الوسطى سلمان الزياني وعدد من سفراء الدول الشقيقة المعتمدين في المنامة، والضيوف الأعزاء. وأثناء الحفل اقترح محافظ الوسطى (مازحاً ربما) إعادة تسمية شارع الاستقلال إلى «شارع الاستقلال والصحافة»، لأن معظم الصحف ومعها وزارة الإعلام أصبح لها حضور على هذا الشارع... غير أن وزير الصناعة والتجارة طور الاقتراح (ربما أيضاً مازحاً) إلى تسمية الشارع بـ «شارع استقلال الصحافة»... وهي تسمية عظيمة حققتها على أرض الواقع الدول المتقدمة، ونسعى في البحرين إلى تحقيق جانب مهم منها عبر تعزيز هامش الحرية الصحافية المسئولة.
يوم أمس، احتفلت «الوسط» مع ضيوفها الأعزاء بالافتتاح الرسمي للمطبعة، ولكن الإنسانية كانت احتفلت قبل خمسة قرون ونصف القرن، في العام 1448، باختراع المطبعة على يد الألماني جوتنبيرغ، وهو الاختراع الذي أخرج أوروبا من عصورها الوسطى المظلمة. فبعد اختراع آلة الطباعة بدأ عصر جديد أسماه الاوروبيون «عصر النهضة»... ذلك، لأنه، وللمرة الأولى، بدأ الاوربيون يقرأون الكتب التي كانت محرّمة عليهم، وكسروا احتكار المعلومات الذي كان مفروضاً عليهم من قبل بعض الملوك وبعض الكهنة. وبعد عصر النهضة دخل الأوروبيون فيما أسموه بعصور الإصلاح والتنوير، وصولاً إلى العصر الصناعي لاحقاً، وهو الذي قادنا إلى العصر الحالي الذي يطلق عليه «عصر المعلومات»، أو عصر «المعرفة». ومع كل التطورات المتلاحقة في عصر المعرفة الحالي، تبقى المطبعة آلة جوهرية تتحرك مع التطور، وتزداد الحاجة إليها مع ازدياد تطور المجتمع. وعليه، فإن البلدان التي تحتوي على المطابع الكثيرة هي فقط البلدان الحرة والمتطورة. وقد كانت بريطانيا أول دولة انتبهت إلى أهمية حرية المطابع والتأليف، وصدر قانون في العام 1695م ضمن حريتها من الرقابة، ومنذ أربعة قرون وبريطانيا تعتبر من أهم أسواق العلم والمعرفة بسبب ذلك.
وفي 3 مايو/ أيار المقبل يحتفل العالم بدعوة من الأمم المتحدة، باليوم العالمي لحرية الصحافة... وفي الوقت ذاته، يناقش النواب البحرينيون مقترحات بتعديل قانون الصحافة والنشر السيئ جداً الذي لا يناسب طموحات البحرينيين، من جلالة الملك إلى كل إنسان حر يعيش على هذه الأرض الطيبة. ومن الغريب أن النواب مازالوا يحتارون مع الكلمة، وبعضهم يطالب بتطبيق إجراءات القمع التي كانت متبعة في العصور الأوروبية المظلمة (قبل اختراع الآلة في 1448م)، وبعضهم يطالب بجلد أصحاب الكلمة!
محافظ الوسطى سلمان الزياني قرر قيادة احتفال خاص هذا العام بمناسبة اليوم العالمي للصحافة في 3 مايو المقبل، لأن أكثرية دُور الصحافة أصبحت ضمن حدود المحافظة الوسطى، وهو سعيد بذلك، ونحن سعداء بتوجهه الحميم نحو الصحافة والصحافيين، ونأمل من النواب ومن الحكومة أن يلتحقوا بعصر المعرفة الذي يتطلب إطلاق حرية دور النشر وحرية المطابع وحرية الكلمة، وفك القيود عن أصحاب الكلمة الحرة: لأن في ذلك انعتاقاً من الظلام والتحاقاً بفضاء فسيح يتنفس فيه كل حر أبي يسعى إلى حياة كريمة محفوظة الحقوق
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1329 - الأربعاء 26 أبريل 2006م الموافق 27 ربيع الاول 1427هـ