العدد 1328 - الثلثاء 25 أبريل 2006م الموافق 26 ربيع الاول 1427هـ

قراءة قانونية وتبعات سياسية

إحالة الحكومة لموازنة 2007 - 2008 إلى النواب (2-2)

عبدالهادي مرهون comments [at] alwasatnews.com

إن احترام المبدأ الدستوري الخاص بفصل السلطات أهم بكثير من هاجس الحكومة بصعوبة التعامل مع أعضاء السلطة التشريعية القادمة، إذ سيسبب تقديم الموازنة في هذا الوقت سلب صلاحية جلالة الملك لتعيين أعضاء وزارته وسلبا لصلاحية مجلس الوزراء والوزراء القادمين حقهم في المشاركة في رسم سياسات الدولة التي أواكلت إليهم تنفيذها، وسلب صلاحيات السلطة التشريعية التي أقيمت أصلا لغرض التخصيص العادل للموارد الوطنية ليتم استغلالها بكل كفاءة وفعالية.

لذلك فإننا لا نظن أن الأخبار التي يتم تداولها في المجتمع ليست ذات صدقية وفي الحالة التي ستقدم بها الحكومة مشروع قانون ينظم موضوعات اقتصادية أو مالية خارج الموازنة العامة التي تنص عليها المادة 109 من الدستور والتي تعتبرها الحكومة ضرورية لاستقرار الاقتصاد في البلاد يتم نظره في ضوء المادة 87 من الدستور والتي تحدد أوقات زمنية لكل مجلس، والمجلس الوطني لمناقشته وأقراره، أو إصدار مرسوم ملكي في أجله. إن المادة 87 من الدستور ليست أداة دستورية لمناقشته وإقرار الموازنة العامة. لذلك فأن تقديم موازنة 2007 -2008 إلى المجلس في نهاية دور الانعقاد ليس مسألة ضرورية ومهمة لأجل استقرار اقتصاد المملكة أو شئون ماليتها. ولا يوجد مبرر لتقديمها بصفة مستعجلة تجعل استخدام المادة 87 من الدستور ضروريا. بل تكون مخالفة صريحة للمادة 109 من الدستور التي تنظم الموازنة العامة للدولة. وهذه المادة تتطلب أن تعد الحكومة مشروع قانون الموازنة السنوية الشاملة إلى مجلس النواب قبل انتهاء السنة المالية بشهرين وتعطي السلطة التشريعية حق مناقشة وإقرار المشروع لمدة دور كامل وإذا لم تقره لا ينفض الدور ويستمر إلى حين إقراره. أي نظريا يمكن أن تستمر مناقشة وإقرار المشروع لمدة دور كامل. وإذا لم تتعاون الحكومة في المدة المحددة تتحمل الحكومة تبعات عدم تعاونها مع السلطة التشريعية وهو عدم حصولها على موازنة جديدة وتعمل بالموازنة السابقة إلى حين صدور موازنة جديدة.

إن الدستور وضع حافزا للتعاون بين الحكومة والسلطة التشريعية لمناقشته وإقرار الموازنة العامة في موعد لا يتجاوز دور انعقاد واحد وهذا الحافز هو أن السلطة التشريعية تتوقع وتتطلع إلى الإجازة الصيفية بعد عمل شاق استمر دوراً كاملاً. وحافز الحكومة هو أن تحصل على موازنة جديدة مع الزيادات المقدرة. وإلا فإنها تستمر في العمل بالموازنة السابقة. وهذا يدل على أن الموازنة العامة لا تخضع إلى الأزمنة المحددة في المادة 87 من الدستور والتي لا تتعدى 45 يوما لإقرار مشروع قانون الذي قدم بصفة مستعجلة.

ويمكن أن يرى القارئ أنّا قد استغرقنا في شرح المواد الدستورية والقانونية ولكننا نراه موضوعاً جوهرياً لأنه قلما يناقش الفصل الخامس من الدستور لأنه يعني الأمور المالية وليست السياسية. ولذلك نعتقد أن ما طرح في الصحافة لتقديم الموازنة العامة إلى مجلس انتهى دور انعقاده وتوشك ولايته أن تنتهي بانتهاء الفصل التشريعي الأول بأكمله هي خطوة سياسية مفادها ضرورة غلق الأبواب والنوافذ التي تأتي من خلالها عوامل الإزعاج، وتأسيساً على ذلك فهل الأصح في هذه الحالة أن تتقدم بالموازنة العامة لأربع سنوات مقبلة وليس سنتين فقط حتى تتخلص من إزعاج السلطة التشريعية في الفصل التشريعي الثاني القادم والإزعاج الدستوري والقوانين النافذة المنظمة للموازنة العامة.

أن ربط الموازنة العامة للدولة بالاستحقاقات الدستورية والانتخابات النيابية ليست مسألة تحقق الاستقرار والنمو الاقتصادي بل هي مسألة سياسية بحتة يتم استغلالها لإرباك العمل السياسي وزيادة الاحتقانات الشعبية كما هو طرح دمج الانتخابات وإعادة رسم الدوائر الانتخابية وتحديد موعد الانتخابات وإدارة الانتخابات بعد رفض مناقشتها لمدة أربع سنوات، هو تلاعب غير شريف ومضر يلحق الضرر بالمسار الديمقراطي والمصلحة العامة. وفي الوقت الذي نرحب بكل ما جاء على لسان وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء ورئيس الجهاز المركزي للمعلومات ورئيس الجهاز التنفيذي للانتخابات أيضا فإننا ننوه أن كل هذه المسئوليات التي يتحملها شخص واحد لا تبعث الثقة أو تعزز صدقية نزاهة وشفافية الانتخابات وتجعلها عرضة لتقلبات الأجواء والمناخ السياسي، وبكل احترام وتقدير لشخص الشيخ احمد بن عطية الله آل خليفة ولكننا نطالب بإنشاء هيئة وطنية مستقلة بعيدة عن التقلبات السياسية وحساباتها المعقدة لإدارة الانتخابات والإشراف على مسارها بكل شفافية وصدق، ونعتقد أن على السلطة التشريعية عند إحالة مشروع القانون لتعديل الانتخابات البلدية أن تناقش جميع القوانين المنظمة للعمل السياسي وتنقيحها لتتلاءم مع المشروع الإصلاحي وتوجيهات جلالة الملك والاستجابة لرغبات الشعب وترسيخ أسس العمل الديمقراطي في المملكة.

النائب الاول لرئيس مجلس النواب

العدد 1328 - الثلثاء 25 أبريل 2006م الموافق 26 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً