كتبت قبل أسبوع أو يزيد مقالاً عن واجبات الحكومة، وأوضحت أن من واجباتها أن تسمح لمواطنيها بالحلم بالسعادة، ذلك ما اقتضته تعاليم «روسو»، وأدبيات أول دستور في العالم «الدستور الأميركي».
وقبلها بفترة، كنت قد وجهت نقداً حاداً إلى المعارضة ألومها على تسرعها في المشاركة في الانتخابات المقبلة من دون أن تتحصل على مردود أو ثمن لهذه المشاركة، التي تفضي فيما تفضي إلى ما يشبه الاعتراف الرسمي بدستور 2002، أو لنقل إنه يمثل - على الأقل - تعايشاً إجرائياً مع الواقع السياسي الجديد.
أما اليوم، فالواقع السياسي يتجاذب في أن ثمة خديعتين اثنتين كانتا تمارس هنا وهناك. الخديعة الأولى: هي أن الحكومة كانت مستاءة من خيار المقاطعة لانتخابات 2002، فالظاهر عبر سلسلة الاستفزازات المتتالية للمعارضة أن الحكومة تحاول قدر استطاعتها منع المشاركة. أما الخديعة الثانية: هي أن ثمة في البحرين سياسة أو حوادث سياسية، فليست هذه الأجواء المتقلبة سوى خليط من «الفوضى»، وهذه «الفوضى» من النوع الذي يبعث على «الجنون»، فلا «سياسة» هنا ولا هم يحزنون. والمهم بالنسبة إليّ، هو أن هذا «الجنون» الذي أحذر منه، ستتجلى نتائجه في مشهدين، المشهد الأول: هو مقاطعة الانتخابات مرة أخرى، وهو خيار وإن كان مستبعداً من بعض المحللين السياسيين إلا أنه خيار قائم، وأعتقد أن الحكومة التي لا تفكر بسعادة مواطنيها البتة جادة في ترويجه، على أن المقاطعة هذه المرة ستجر وراءها جنوناً لا حد له، والحكومة وحدها من تتحمل المسئولية.
الجنون الثاني: جنون مؤجل، فإذا كانت الحكومة تقاوم مشاركة المعارضة بهذا الشكل منذ الآن، فماذا عساها أن تفعل داخل البرلمان؟ أعتقد أنه من المنطقي أن نتصور حالاً جنونية من الفوضى الجديدة، وهذه الفوضى بالتحديد ستؤدي - بلا شك - إلى جنون «الشارع السياسي»، وجنون الشارع السياسي منطقة مخيفة أخرى، والحكومة وحدها من يتحمل المسئولية أيضاً.
الواضح، أن ليس ثمة أوراق للعب بيد «الوفاق» وشقيقاتها الثلاث، فإما أن تتفهم الحكومة خطورة الموقف، وتبعث بدلالات «حب» للمعارضة القانونية، فتسهل عملية المشاركة وتدعمها قبل الانتخابات وبعدها، وبذلك تكون نجحت في محاصرة المعارضة اللاقانونية. وإما أن تنتقل للعب في منطقة سياسية أخرى مع المعارضة فيكون المجلس الوطني الحالي بمثابة «مجلس شورى» ما قبل المشروع الملكي للإصلاح، وجميع المعارضة لن يكونوا داخل «اللعبة السياسية»، ولن يجد المعارضون مفراً من الانضمام إلى «حق» ومركز البحرين لحقوق الإنسان (المنحل)، فلا المقاطعة نفعت ولا المشاركة، والحكومة أيضاً وحدها من تتحمل المسئولية.
خاتمة القول، وصف جلالة الملك مشاركة المعارضة بـ «أجمل الأيام»، وعلى الحكومة أن تلتزم بتحقيق هذه الأيام الجميلة، وأن توقف جميع هذه «الاستفزازات» غير المبررة
إقرأ أيضا لـ "عادل مرزوق"العدد 1328 - الثلثاء 25 أبريل 2006م الموافق 26 ربيع الاول 1427هـ