مستشار برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أديب نعمة قال أمس إن الناتج البحريني القومي بلغ أكثر من عشرة مليارات دولار في العام الماضي، وإن معدل دخل الفرد يبلغ أكثر من 14 ألف دولار في السنة، بحسب إحصاءات «البنك الدولي»، ونحن بذلك نعتبر من الدول ذات الدخل المرتفع... وعليه، فإن السؤال الذي يطرح نفسه: إذا كنا من أصحاب الدخل المرتفع، فلماذا لاتزال لدينا فئات من المجتمع تعيش حالاً من الفقر، أو أنها ذات مستويات متدنية في المعيشة؟
الفقر المدقع (أقل من دولار للشخص الواحد يومياً) لا يوجد في البحرين، ولكن يوجد الكثير من العوائل (متوسط ستة أفراد، اثنان منهم يعملان) ممن هم دون مستوى خط الفقر للعائلة البحرينية، وبحسب آخر مسح لنفقات ودخل الأسرة (الذي كان المستوى الأدنى حينها 309 دنانير شهرياً للأسرة والذي أجرته البحرين في 1994 و1995) فإن 16 في المئة من الأسر كانت دون مستوى الفقر. وبما أن البحرين من الدول ذات الدخل المرتفع، بحسب مقياس الأمم المتحدة، فإن أدنى مستوى لدخل الفرد اليومي يجب ألا يقل عن 5,2 دولارات، وعلى أساس ذلك فإن العائلة المكونة من ستة أفراد يجب أن تحصل على 360 ديناراً شهرياً على الأقل، لكي تكون فوق خط الفقر. وبحسب المعلومات المتوافرة منذ يوم أمس فإن هناك نحو 11 في المئة من البحرينيين يعيشون تحت هذا المستوى من الدخل.
ولكن من الصعب تعريف الأسر المحتاجة، ومستوى الفقر، وخصوصاً أن معدل الغلاء في متطلبات الحيــاة اليومية مازال من دون رصد واقعي. فالسكن الذي يمثل - بحسب المعلومــات المشار إليها - نحــو 27 في المئــة من مصروفـــات العائلة بحاجة إلى مراجعـــة. إذ ان الأراضي ارتفعت أسعارها إلى مستوى عال يفوق قدرة أكثرية المواطنين (وليس فقط أولئك الذين يقل دخلهم عن 360 ديناراً شهرياً). كما أن هناك أكثر من بحرين نراها أمام أعيننا... فهناك بحرين التي تشبه في مستوى معيشتها الأحياء الثرية في نيويورك، ولدينا أحياء وقرى تنافس إفريقيا وبنغلاديش في تدني مستواها. وهذه الملاحظة يكررها الكثير من الذين يزورون البحرين ويذهبون إلى ضاحية السيف... ولكن، وعن طريق الخطأ، يدخلون أحياناً إلى كرباباد فيرون العجب العجاب، ولا يصدقون أن مثل هذه المعيشة توجد في البحرين، من حيث البيوت القديمة والآيلة إلى السقوط، والأزقة الضيقة والفقيرة. وعليه، فإن كثيراً من هذه المؤشرات (وهي صحيحة من ناحية الأرقام) بحاجة إلى مراجعة. فلو كان هناك عشرة أشخاص، وأحدهم يملك مليون دينار، بينما يملك كل واحد من البقية مئة دينار، فإن المؤشر الخام يقول لنا إن متوسط ما يملكه الفرد من المجموعة هو مئة ألف وتسعين ديناراً، لكننا نعلم في هذا المثال أن شخصاً واحداً يملك مليون دينار والباقي يملك كل واحد منهم مئة دينار... ولذلك، فإن معدل ما يملكه الفرد صحيح من ناحية الرقم لكنه خطأ من ناحية الواقع. وهناك احتمال بأن ما يجري في البحرين يشبه - بشكل أو بآخر - المثال المذكور. فلدينا أناس لديهم من الملاءة المادية ما ينافس به أصحاب الثروات الكبرى، ولكن هذا ليس هو واقع الحال بالنسبة إلى باقي الناس. وعليه، فإننا بحاجة إلى النظر في توزيع الثروات، ونقارن ما لدى البلد من ناتج قومي مع الدخل لمختلف الفئات في المجتمع... وحينها سنجد أن نسبة 11 في المئة تعكس جانباً من الصورة فقط
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1327 - الإثنين 24 أبريل 2006م الموافق 25 ربيع الاول 1427هـ