العدد 1327 - الإثنين 24 أبريل 2006م الموافق 25 ربيع الاول 1427هـ

«الفري فيزا» خطر يداهم أحياءنا... والداخلية تثبت وجودها

دعارة... تصنيع خمور... ومشكلات أخلاقية

هم خطر على الأطفال، وجودهم يرعب الأهالي ويحجز الصغار بين جدران المنازل وخلف أبوابها المقفلة. نظراتهم وغمزاتهم تزعج فتيات الأحياء، حيث يقطنون، يزيد من خطرها وإزعاجها قرب أماكن سكنهم من بعض مدارس الفتيات. قد يتجاوز خطرهم السلوكات والانحرافات الأخلاقية ليصل إلى تأثيرات صحية وبيئية تقلق منام الأهالي وتهدد صحتهم وصحة أبنائهم.

حملة «الفري فيزا» أو «التأشيرة الحرة» التي ابتلي بها المجتمع البحريني منذ أعوام ومنذ أصبح ممكناً استقدام أي أجنبي عن طريقها من دون حاجة لذكر طبيعة عمله والمهمة المنوطة به، هم آفة تهدد استقرار المجتمع البحريني وتعصف بأمن وأمان أبنائه. ضحايا هم وجلادون، يدفعون ثمن مساومة غير منصفة قبلوا أن يكونوا طرفاً فيها، لكنهم في المقابل يكيلون للمجتمع البحريني ضربات ومصائب الواحدة تلو الأخرى، اقتصادية واجتماعية وغير ذلك كثير.

أعدادهم في تزايد مستمر على رغم كل تأكيدات النفي من قبل المسئولين بوزارة الداخلية لإصدار قانون يشرع وجودهم، إذ يصرح الوكيل المساعد بوزارة الداخلية لشئون الجنسية والجوازات والإقامة الشيخ أحمد بن عيسى آل خليفة بأنه «لا يوجد ما يسمى بقانون «الفري فيزا»، وما يحدث هو أن بعض الأشخاص يقومون باستخراج سجلات تجارية متبوعة برخص عمل تسمح لهم باستقدام بعض العمال من الخارج لتشغيل هذه السجلات».

ما يعني أن وضع كثير من هذه العمالة السائبة في البحرين «سليم، بل إن الكم الأكبر هو العمالة التي تدخل البحرين بشكل قانوني صحيح»، لكن ما يحدث بعدها هو أنها «تسرح في البلد بشكل غير صحيح» في مساومة يشبهها الشيخ أحمد بن عيسى إلى حد كبير بـ «تجارة الرقيق».

«الوسط» تحاول عبر هذا التقرير استقصاء بعض سلبيات وجود العمالة السائبة والمشكلات الناجمة من تزايد أعدادها، مستشهدة بتصريحات المسئولين وببعض القضايا الواقعية التي نشرتها الصحافة المحلية في عاميها الأخيرين.

بداية كان الحديث مع عضو مجلس بلدي الوسطى مجيد ميلاد الذي أكد أن «التأثيرات السلبية لعمال الفري فيزا كثيرة لعل أهمها وأوضحها ما نجده من انتشار لشبكات الدعارة، ومصانع الخمور في وسط بعض الأحياء السكنية في مختلف مناطق البحرين».

دعارة وخمور وسط أحيائنا

المشكلة الأكبر التي يتورط فيها حملة الفري الفيزا والتي تمثل السلبية الأكبر، كما يفيد ميلاد «تتمثل في قيام هؤلاء بتشكيل شبكات دعارة متخصصة يديرها آسيويون أو بحرينيون، يعتمد قوامها الأساس على الخادمات الهاربات، البنغاليات خصوصاً، أما الأوكار فتقام في شقق سكنية تقع وسط كثير من أحياء المواطنين البحرينيين وخصوصاً أحياء المنامة القديمة».

ويؤكد ميلاد اطلاعه على صور لبعض هذه الشقق التي تستخدم أوكاراً للدعارة، مضيفاً أن «المشكلة الثانية تتمثل في «صناعة الخمور في المنازل وهي قضية أخرى يتورط فيها حملة الفري الفيزا. هذه المصانع لها رواج كبير بسبب قربها من منازل هؤلاء الآسيويين، وبسبب رخص أسعار الخمور فيها»، مفيداً بتعقب قوات الأمن لهؤلاء ومداهمتهم لمنازلهم أو «مصانعهم» بشكل مستمر، مؤكداً زيارته لما لا يقل عن 15 من مواقع تصنيع الخمور هذه.

التدهور الصحي والبيئي، كما يفيد ميلاد، يمثل هو الآخر مأساة أخرى يعيشها ساكنو الأحياء التي تغص بالفري فيزا، «فهؤلاء يخافون أن تنتقل اليهم كثير من الأوبئة التي تنشأ بسبب الأوضاع البيئية والصحية السيئة التي يعيشها حملة الفري فيزا في المنازل التي يقطنونها. معظمها منازل قديمة جداً لا تتوافر فيها أية اشتراطات صحية بل ان أكثرها آيلة للسقوط».

كذلك يعاني الأهالي، بحسب ميلاد، من «مضايقات مستمرة من هؤلاء تتمثل في قيامهم بكثير من عمليات السرقة من المنازل المجاورة، والاعتداءات الجنسية على الأطفال، بل وقد تتطور إلى معاكسات وتحرشات بفتيات الحي. هؤلاء يكونون عادة من العزاب، الذين يأتون من مجتمعات تختلف عاداتها وتقاليدها عن عادات مجتمعنا، وما يزيد الطين بلة هو وجود بعض أماكن سكنهم قرب مدارس البنات وهو ما يشكل خطراً على فتياتنا».

جنسيات أخرى تكفل نفسها

على رغم الفكرة السائدة بشأن حملة الفري فيزا هؤلاء، والتي تحمل إلى الأذهان صورة الآسيوي الفقير المعدم الذي يتورط في عقد يكون هو فيه أول المتضررين إذ يفرض عليه إيجاد أية فرصة عمل، وتوفير المبلغ المتفق عليه مع الكفيل بأي شكل من الأشكال في نهاية الشهر. إلا أن الوقائع تثبت في مقابل ذلك أن «الفري فيزا» أو «العمالة السائبة» التي تخالف النصوص المتفق عليها مع وزارة العمل ومع إدارة الهجرة والجوازات فتُوظف في غير ما اسُتقدمت إليه، قد لا يكون لها أي كفيل بل تكون كفيلة لنفسها كالقضية التي شهدتها أروقة المحاكم بدايات العام الجاري، إذ اتهم رجل عربي زوجته العربية بممارسة الدعارة في البحرين. الزوجة التي برأت من التهمة تلك، غرمت وأبعدت من البلاد لمخالفتها قوانين رخصة الإقامة القانونية الصادرة إليها من إدارة الهجرة والجوازات. كذلك لا يشترط أن تأتي العمالة السائبة من دول أسيوية أو عربية كما تؤكد قضية العام الماضي التي أصدرت فيها المحكمة الجنائية أحكاماً ضد 4 فتيات من جنسيات متنوعة قدمن إلى البحرين بتأشيرات سياحية أثناء فعاليات سباقات الفورمولا 1. انتهت صلاحية التأشيرات تلك لكن الفتيات مكثن في البحرين طوال عدة أشهر من دون تصريح بالإقامة، لينخرطن في سلك الدعارة. الفتيات اللواتي قبض عليهن في فنادق متفرقة قدمن من دول آسيوية وأوروبية مختلفة هي روسيا وقيرغيزستان، ومولدوفيا، بالإضافة إلى فتاة عربية. أحكام السجن التي تلقينها لم تتجاوز الشهور الثلاثة، بينما بلغت الغرامة المالية 300 دينار، بالإضافة إلى الحكم بإبعادهن عن البلاد نهائياً بعد تنفيذ العقوبة.

لكن السيطرة للآسيويين

طبعاً لا تنفي تلك الحوادث حقيقة كون الآسيويين يمثلون النسبة الأكبر من أبطال الفري فيزا ومسببي السلبيات الكثيرة، إذ إنه وفي العام 2005 نشرت الصحافة المحلية عدداً من القضايا المتنوعة التي تورط فيها هؤلاء وإن كان معظمها قضايا دعارة وفجور. إحدى قضايا العام الماضي بلغ عدد المتورطين فيها 90 متهماً، جميعهم من جنسيات آسيوية متنوعة، كذلك أصدرت المحكمة الجنائية الصغرى حكماً بسجن ثلاثة آسيويين (رجل وامرأتين) لمدة ستة أشهر والإبعاد من البلاد بعد تنفيذ العقوبة بسبب تورطهم في قضية دعارة.

في الوقت ذاته، قبض على آسيوي وآسيوية، بتهمة ممارستهما الدعارة، وإقامتهما في البلاد بطريقة غير مشروعة، إذ اتضح أنهما لا يعملان لدى الأشخاص الذين أصدروا لهما رخصة الإقامة، كما أن رخص إقامتيهما لم تجدد.

قوات الأمن قامت أيضاً بمداهمة مصنع لتصنيع الخمور يستخدم وكراً للدعارة أيضاً، إذ تمت مصادرة براميل كبيرة لتصنيع الخمور وقبض على ثلاثة من جنسيات آسيوية كانوا يديرون الوكر الذي يقع بمنطقة سكنية.


الشيخ أحمد بن عيسى: نتصدى للظاهرة حسب القانون

عن نشاط اللجنة المشتركة بين وزارة الداخلية ووزارتي العمل والتجارة لمكافحة «الفري فيزا» وتأثيراتها السلبية على المجتمع البحريني، صرح الوكيل المساعد بوزارة الداخلية لشئون الجنسية والجوازات والإقامة الشيخ أحمد بن عيسى آل خليفة بأن «هذه اللجنة تخرج بتوصيات لأصحاب الشأن للتصدي لظاهرة مستغلي رخص العمل واستقدام العمال. اللجنة التي بدأت عملها منذ فترة طويلة تعقد اجتماعاتها بشكل دوري، وتحاول كل جهة فيها دعم عملية التصدي لهذه الظاهرة من جانبها بحسب القانون فإن وزارة العمل في إدارة التفتيش موكلة في تدقيق السجلات وترتيب عمليات التفتيش ونحن بدورنا في الإدارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة ندعمهم من الناحية الأمنية

وزارة العمل لديها الضبط القضائي، ونحن نرافقهم في أي موقع إذ نرسل لهم قوة تغطي المنطقة وتدقق على الأشخاص وتحجزهم. وزارة التجارة تقوم من جانبها بعمل التفتيش في السجلات التي ليست عليها حركة، أو تلك التي تستخرج لجلب عمال للبحرين وتستغل لشيء آخر». وعن قانونية وجود هذه العمالة السائبة في البلد، علق قائلاً: «العمالة الموجودة في البلد جميعها وضعها قانوني، رخص عمل وتأشيرات وإقاماتها كلها سليمة وقانونية. فيما عدا نسب لا بأس بها من الهاربين الذين يبلغ عنهم كافلوهم في العادة».

فإلى أي حد نجحت هذه اللجنة في مكافحة ظاهرة «الفري فيزا»؟

يؤكد الشيخ أحمد بن عيسى أنه «بمقارنة الأرقام من العامين 2004 و2005 نجد أن الحالات التي قمنا بتسفيرها، قلت إلى النصف. كذلك قمنا برفع كلفة الحصول على رخص العمل وهذا نوع من التشديد، إذ أصبحت أضعاف ما كانت عليه»

العدد 1327 - الإثنين 24 أبريل 2006م الموافق 25 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً