لا يوجد تأريخ دقيق وموثق في سجلات وزارة العمل والادارة العامة للجنسية والجوازات والإقامة يحدد الفترة الزمنية التي بدأت فيها خيوط ظاهر العمالة السائبة المعروفة اليوم باسم الـ «فري فيزا»، لكنها اليوم «ظاهرة» شئنا أم أبينا... بل ظاهرة خطيرة تهدد جوانب حياتية كثيرة.
لكن المتابعين، يقولون ان هذه المشكلة بدأت في التشكل عند مطلع الثمانينات من القرن الماضي، عندما بدأ قطاع الإنشاءات والمقاولات في الإنتعاش، وشهدت تلك الفترة، صدور قرارات وزارة غير مدروسة ومنها السماح بإصدار التأشيرات الحرة للعمالة الأجنبية للدخول الى البلاد، من دون الحاجة الى كفيل أو مؤسسة ينتسبون إليها.
وطبقاً للأرقام المتاحة، فهناك ما يقارب من 45 ألفاً من العمالة السائبة، وهذا العدد يعني بالتقريب نسبة قدرها 6,5 في المئة من سكان المملكة، ومن ناحية نسبتهم الى المجموع الكلي للعمالة الوافدة فإنهم يقدرون بنسبة 17,2 في المئة من مجموع الوافدين، ولأن الواحد منهم يكلف حدود 40 ديناراً سنوياً فإنهم يكلفون الدولة ما يقارب من المليون وثمان مئة ألف دينار سنوياً، فيما تشير البيانات الى أن التدفقات المالية الى الخارج من قبل هذه الشريحة تعادل 17 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي.
لجنة حكومية مشتركة
المشكلة تفاقمت اليوم، فوزارة الداخلية، ومن خلال لجنة مشتركة تضم ممثلين عن الوزارات والهيئات الحكومية المختصة تعمل على القضاء على ظاهرة العمالة السائبة في البحرين، وبدأت بحملة كبيرة على الباعة المتجولين الأجانب الذين يتخذون من الشوارع والدوارات مكانا لنشاطاتهم، وضبط خلال تلك الحملة التي نظمت العام الماضي اكثر من 200 بائع جوال تم تسفيرهم.
وحيال هذه المشكلة الشائكة، وأمام عجز السلطات من السيطرة عليها، تعددت اللقاءات بين وزارات الداخلية والعمل والتجارة وغرفة تجارة وصناعة البحرين وجمعية المقاولين للتباحث والاتفاق على صوغ لمحاصرة الظاهرة، ففي كل عام، وبحسب احصاءات قسم التفتيش العمالي بوزارة العمل، يتم ضبط عدد يتراوح بين 200 و500 عامل هارب (سائب)، فيما تصل بلاغات الهروب إلى 2000 بلاغ سنوياً.
إحالة 40 شخصاً إلى النيابة
لكن، كيف يتم التعامل مع هذا الملف من ناحية وزارة العمل؟ مصدر مسئول في الوزارة يؤكد أن المشكلة كبيرة للغاية ولا يمكن التقليل منها أو الاستهانة بها، ويشير الى أن الوزير مجيد العلوي لم يغفل هذه القضية، وهو يتابع الجهود المشددة التي تبذلها الوزارة للقضاء على العمالة الهاربة من خلال اللجنة المشتركة بين وزارتي العمل والداخلية. وتم القبض على مزوري تصاريح العمل وايداعهم السجن واحالة 40 شخصاً إلى النيابة العامة متورطين في قضايا «الفري فيزا» أخيراً.
وحتى بالنسبة إلى القرار رقم (45) لسنة 2002 - والكلام للمصدر المسئول - والذي يسمح للعامل الأجنبي بالانتقال من كفيل إلى آخر أثناء سريان عقد عمله ومن دون موافقة صاحب العمل الأصلي، أثار جدلا بين الأوساط العمالية، وتعرض لمعارضة قوية من قبل غرفة تجارة وصناعة البحرين وجمعية رجال الأعمال وجمعية سيدات الأعمال أيضا، ووصفوه بالقرار غير العادل والذي لم يأخذ مصالح أصحاب الأعمال في الاعتبار، ومن ثم طالبوا الوزارة بإعادة النظر فيه.
الغرفة تطالب بالتحقق
وحيال ما يقال عن السجلات والمؤسسات الوهمية، تدخلت غرفة تجارة وصناعة البحرين، ليطالب رئيس لجنة المقاولات بغرفة التجارة عادل حسن العالي خلال الاجتماع الذي عقد بهدف القضاء على ظاهرة العمالة السائبة في البحرين وزارة التجارة بالتحقق من سجلات المقاولات الوهمية التي تمثل أكثر من 70 في المئة من مجمل سجلات شركات المقاولات، مشيرا الى ان مثل هذه الشركات مسئولة عن أعداد كبيرة من العمالة السائبة في البحرين، مؤكداً ان المقاولين الذين يتبعون القوانين ويلتزمون بدفع الرسوم الحكومية ولا يقومون بتشغيل العمالة السائبة لديهم يكونون في موقع منافسة غير متكافئة مع المقاولين المخالفين للأنظمة.
كما طالب العالي بإعادة النظر في مبلغ التأمين الذي يدفعه صاحب العمل لوزارة العمل والبالغ 250 ديناراً عند إبلاغه عن العامل الهارب، وقال إن هذا الإجراء غير مجد ويتضمن الكثير من الثغرات التي يستغلها العامل الهارب.
العمالة الأجنبية المتدنية
في احد اجتماعاتها، ناقشت اللجنة المشتركة من لجنة الخدمات ولجنة الشئون المالية والاقتصادية المشروع بقانون بشأن تنظيم سوق العمل إذ طالب النائب عيسى المطوع بالتصدي أولاً لظاهرة الفري فيزا، بشفافية وصدق، فيما وجه النائب محمد خالد الاتهام الى كل من وزير العمل الحالي مجيد العلوي والسابق عبدالنبي الشعلة بالفوضى إذ قال... سوق العمل في البحرين في حال فوضى... ووزيرا العمل الحالي والسابق مسئولان عن هذه الفوضى التي خلفها وجود عصابات تدمر السوق مثل عصابات الفري فيزا وغيرها
العدد 1327 - الإثنين 24 أبريل 2006م الموافق 25 ربيع الاول 1427هـ