خدمة الوطن أمر واجب عليّ... وخدمة أولي الأمر واجب مفروغ منه بالنسبة إليّ... وخدمة المواطنين والأهل والأصحاب والمعارف تأتي دائماً في أولويات أجندة أعمالي اليومية... هذا هو أنا كما علمني ورباني والدي (رحمه الله)... أحب أن أعتمد على نفسي وأعمل، ولا أحب الكسل والاعتماد على الآخرين.
العمل من أجل ربي ورسولي (ص) وديني الإسلامي... ومن أجل وطني (البحرين) ومن أجل أولياء أمري... جلالة الملك المعظم وسمو رئيس الوزراء الموقر وسمو ولي العهد الأمين حفظهم الله جميعاً... ومن أجل جميع إخوتي وأخواتي البحرينيين، ومن أجل أهلي وأصحابي ومعارفي جميعهم... هذا جميعه هو الذي يشكل بالنسبة إليّ قمة سعادتي، وهو بالأساس سبب وجودي واستمراري في الحياة.
إن أنت أردت إعطائي حياتي فساعدني كي أدفع ديني لخالقي، ولبلادي، ولمن حولي لأعمل وأؤدي رسالتي في الحياة... وإن أردت أن تسلبني حياتي التي وهبني إياها الله (سبحانه وتعالى) فحاول أن تقف في طريقي وتمنعني عن العمل... هذه هي رسالتي، ورسالة كل مواطن مخلص لهذا البلد... نرسلها جميعاً إلى كل من يحاول أن يمنعنا أن نؤدي دورنا في مجتمعنا، ويحجب الأعمال عنا، حتى لا نستمر في استخدام عقولنا، وبالتالي تكون فارغة فنموت غير مأسوف علينا... ولا أحد يتذكرنا.
تذكرت هذه المعاني عندما قرأت كلمات د. منصور الجمري التي جاءت في عموده ليوم السبت ( الأول من أمس )... أعجبتني كلماته التي قال فيها: لا قيمة لإنسان مملوء بطنه ولكنه فارغ الرأس، أو محروم من التفكير، الصحافة هي أكسجين السياسة... وأنا أقول بنفس الكلام، إن العمل هو أكسجين الحياة... إن أخذته مني، سلبتني حياتي... ولكن إن كان لدي استطاعة فإني سأقاتل حتى لا يسلب مني أكسجين حياتي.
نحن (البحرينيين) أناس بسطاء في معيشتنا... يكفينا أقل القليل، ولم نشكُ في يوم من الأيام قلة الأكل أو الشرب لأي إنسان، والطلب دائماً يكون من الخالق، وإذا مددنا يدنا لإنسان فعادة نقول: يا الله من مال الله، نحن نطلب من الله بواسطة المخلوق... إن كان المخلوق شاكراً لربه على نعمه فهو يمد يده بما يتناسب مع الطلب، وإن كان المخلوق جاحداً لنعم الله التي أنعمها عليه فهو يمسك يده... وفي كلا الحالتين نكون نحن الربحانين.
نحن قوم كرماء النفس والمقام... وعندما نطلب من الخالق الرزاق ونمد يدنا ونرفعها له، يكون طلبنا دائماً عملاً يسترنا ويكرمنا أمام الله وأمام الناس... وليس مالاً يشبع بطوننا ويعودنا على الكسل والاتكال... أنا أريد منك أن تسمح لي وتعلمني كيف أصطاد سمكة بدلاً من أن تتكرم عليٌ وتعطيني عشرين سمكة.
نحن مواطنون صالحون ونريد أن نخدم... وعند العمل تجدنا دائماً في الشوفة، فقط نريد أعمالاً تتناسب مع إمكاناتنا... إن أنت استطعت أن توفرها لنا كان بها، ولك جزيل الشكر... وإن أنت حاولت لنا ولم تستطع، فأيضاً لك جزيل الشكر على محاولتك... واتركنا نبحث عن رزقنا عسى الله أن يوفقنا لخدمته وخدمة دينه.
أما إن أنت أردت منا الكسل والهوان... وحاولت أن تجعلنا مثل تنابلة السلطان، الذين يعيشون في كل ومختلف الأزمان... وأردت أن تقف في طريقنا حتى لا يكون لنا في الحياة عنوان... فنحن نقول لك (وبكل أسف) اعذرنا على عدم تقبلنا ذلك... نحن لنا طريق آخر نسلكه، فنحن من يريد لوطننا الرفعة والتقدم، ونحن من يريد لمليكنا المعظم أن يتفاخر بنا أمام الشعوب والأمم، ونحن من لا يقبل إملاء البطن وإخلاء العقل.
نحن قوم تربينا على قسوة الحياة... الشمس حرقت أجسادنا، وزجاج البحر وشعبه قطع أرجلنا، والماء المالح الذي كنا نشربه عمل كل ما يعمله في بطوننا، والنوم على السطوح في عز الحر والرطوبة تعودنا عليه... وغيرها الكثير من الأشياء التي مرت علينا في حياتنا وكانت سبباً في صقل أنواع شخصياتنا.
مع كل الذي مر علينا من تجارب، ومع كل ما نملكه من قيم ومبادئ، ومع كل ما لدينا من حس وطني وإخلاص... نقول إنه لا يهمنا أن تكون بطوننا خاوية إذا كانت عقولنا تعمل ويتدفق فيها الدم
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1326 - الأحد 23 أبريل 2006م الموافق 24 ربيع الاول 1427هـ