العدد 1325 - السبت 22 أبريل 2006م الموافق 23 ربيع الاول 1427هـ

الصم ومقاطعة الدنمارك

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في خطوةٍ جميلة، بادر الملتقى الأهلي إلى استضافة فعاليةٍ خاصةٍ بالصمّ بمناسبة المولد النبوي الشريف قبل نحو أسبوعين. كان من المفترض أن تتضمن الفعالية 4 فقرات: فرقة إنشاد إسلامي، كلمة لعالم دين، كلمتان لاثنتين من الكاتبات والناشطات السياسيات.

عندما حلّت الساعة الثامنة والنصف، كان أكثر جماعة الصمّ وصلوا عند الباب الخارجي للملتقى الأهلي، بينما تأخّر بعضهم لذهابه إلى «النادي الأهلي»، اشتباهاً بالمكان الذي ذكر في المسجات الهاتفية التي وصلتهم. المهم عندما وصل أصحابنا في الوقت، لم يظهر أي من المشاركين ما عدا الكاتبة والناشطة شعلة شكيب. وبفعل الوضع المرتبك وغير الطبيعي تردّدتْ في بدء المحاضرة، وحدّدت ربع ساعة فقط للحديث، ولكن طال الحديث لأكثر من ساعةٍ ونصف الساعة. وكان يصطحب المجموعة مترجمٌ (متطوّع) للغة الإشارة، كان حلقة الوصل مع المحاضِرة.

تناولت شكيب عدداً من القضايا المرتبطة بالمناسبة... ثمّ بدأت تستمع لأسئلة هؤلاء الذين حرموا من نعمتي السمع والنطق. التأمل في الأسئلة يفتح الباب لكلٍّ منا للتفكير في المسافة التي تفصلنا عنهم، أو تفصلهم عنا.

وللحقيقة، لم يكن مهماً ما سيحصلون عليه من إجابات منا، (وأحياناً لا نملك لها إجاباتٍ أصلاً كما سترون)، بمقدار ما أن الأسئلة تفتح أعيننا على فضائهم الخاص، بما فيه من خلجاتٍ وأفكارٍ وتطلعاتٍ وتساؤلاتٍ... فضلاً عن نظرتهم إلينا نحن أصحاب الآذان والألسنة الطوال التي لا تتوقف عن الكلام!

السؤال الأول الذي طرحه أحدهم: هناك فرقٌ كبيرٌ بيننا نحن المسلمين والغرب، الديانات الأخرى لديهم أعمال وتجارة ومساعدة بينهم، بينما نحن بيننا نزاع ومجادلات... لماذا؟ قبل شهرين طُرحت «بوسترات» تدعو إلى مقاطعة الدنمارك لأنها أساءت إلى النبي (ص)، فلماذا تراجعوا ونزلت بوسترات أخرى لوقف المقاطعة؟

المتكلّم شابٌ موظفٌ بإحدى الوزارات ويتابع الصحف والأخبار، لذلك لديه متابعةٌ جيدةٌ للساحة، لكن الأسئلة التالية جاءت أكثر براءةً وتلقائيةً. فالشخص الثاني بعد أن بارك للحضور بمناسبة المولد النبوي، وجّه سؤالاً مباشراً: لماذا يختلف المسلمون على تحديد يوم المولد؟

الثالث طرح إشكالاً أكبر: كل مذهب إسلامي يدّعي انه يصلي مثلاً على طريقة صلاة النبي، وينتقد المذاهب الأخرى. فلماذا يتعرّض بعض المسلمين للإهانة وسوء المعاملة عند زيارة الأماكن المقدسة (ذكر بلداً عربياً بالاسم). وأنا (والحديث للشخص نفسه) أطرح سؤالاً واقتراحاً: ما هي المشكلة لو تم التزاوج بين أتباع المذاهب المختلفة؟ أليس ديننا دين تسامح؟

الشخص الرابع تكلّم - بالاشارة أيضاً - عن فلسطين والعراق، قائلاً: «أود في المستقبل أن أزور البلدين والمقدسات فيهما. وقد شاهدت فيلماً أجنبياً عن المسجد الأقصى وفيه مشاهد تفجيرات داخل الحرم، ولكن ما يجري الآن في العراق وفلسطين حقيقة وليس فيلماً ».

في تلك الليلة خرجت باستنتاج قد يهم الجميع، وهو أن هذه الفئة متعطشةٌ للحديث معنا، تمدّ يدها إلينا، وكلها رغبةٌ بكسر الحاجز بيننا وبينهم، وتنتظر منا أن نعاملها بالمثل. وحسناً فعل الملتقى الأهلي بدعوته لهم، وحسناً فعلت شكيب التي أنقذت الموقف، ولا ندري كيف ستكون صدمتهم لو تم خذلانهم بالكامل تلك الليلة كما فعل رجل الدين والفرقة الإسلامية والناشطة الأخرى. وأخيراً... لقد آن الأوان أن نسمع كمجتمع هذه الفئة التي تكلّمت أخيراً... بعد صمت إجباري طويل

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1325 - السبت 22 أبريل 2006م الموافق 23 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً