الصحافة كالورد لا تتفتح إلا في الهواء الطلق، وإذا أردت خنق ديمقراطية فأطلق الرصاص على صحافتها. هي الرئة التي تتنفس من خلالها، لاشك أن الصحافة البحرينية اليوم أفضل من الأمس، فهناك مساحة من الديمقراطية تستطيع من خلالها نقد الوزراء ومناقشة اي مكياج يوضع على اي ملف. هي ليست كاملة لكنها أفضل مما هو موجود في الدول الخليجية باستثناء الكويت طبعاً، الصحافة بالأمس كان لا يصدق فيها الا احوال الطقس وصفحة الوفيات، أما اليوم فهي أكثر صدقية من الماضي.
يقول جيفرسون: «إنني أفضل أن أعيش في بلد ليس فيه قانون وفيه صحافة حرة على أن اعيش في بلد ليس فيه صحافة وفيه قانون»، إن طنجرة البخار الشعبية لا يخرج بخارها الا من قبل الصحافة وخصوصاً في حال الاختناق السياسي أو الاحتقان المجتمعي. الصحافة الحرة: هي التي تعيد الموازنة لاي مجتمع، بدأ يتدرج نحو الانزلاق السياسي، هي سلطة الرقابة على الرقابة، لهذا ينبغي على النواب البحرينيين الدفع باتجاه عدم حبس الصحافي، لأنه سيدخلهم في معركة خطيرة مع الصحافة، فالصحافي تنشط ذاكرته سراعا إلى الذين حاولوا أن ينثروا لحمه بين أسنان المحاكم. الصحافي - عادة - يتحول جلده مع مرور الزمن ضد الصدمات، ويعتاد على النهش والعض حتى على النقد البدوي الوحشي، وفي اليوم الذي لا تلقى الحجارة على نافذته يشعر بأن درجة حرارته ترتفع، لأنه لم يستطع كسر شيء من الجاهلية السياسية على حد تعبير قباني، ان مناقشة مشروع بقانون بشأن الصحافة والطباعة والنشر تحت قبة مجلس النواب مسألة مهمة، لكن الاهم أن تحسم لصالح انتصار حرية الصحافي على الزنزانة. إن دم الصحافة مر. إنها سابقة خطيرة إن استطاع نائب، أكل لحم الصحافة سواء كان نيا أو مشوياً أو محروقاً. يجب على النواب دعم الحريات العامة وعدم اللعب على حرية الصحافي. يجب عدم تقليم اظافر الصحافة، إلا إذا أردنا تحويلها إلى نبات داخلى للزينة، مكملة للأثاث السياسي. لقد مر 20 عاماً من الجدل بين الحكومة والبرلمان في الكويت بشأن قانون الصحافة وأخيراً حسم هذا العام لصالح الصحافة الكويتية ولصالح الوطن، إذ لا يجوز سجن الصحافي، ويقضي القانون بأن أية معركة بين وزارة الإعلام والحكومة والصحافة تحسم امام القضاء فقط، ويكسر أيضا احتكار الصحف اليومية في الكويت، إذ كانت 5 صحف. نحن نريد قانوناً يحمي الصحافي، والكرة الآن في مرمى النواب.
الصحافة الحرة هي التي تمنع انتشار المنشورات، وتمنع انتشار الاحزاب السرية والعمل السري، هي التى تزيد من تدفق خلايا الرقابة والدقة والجد في عقول الوزراء، هي التي تساعد على كسر (التابو) من تأليه الجمعيات، أو اضفاء صفة القداسة على الأداء السياسي لأي قوى سياسية، وهي تحد من توثين المجتمع أو تأليه اليقينيات السياسية. هي جرعة الموازنة التي تزرق للمجتمع والدولة وهي صمام الأمان لعدم انهيار جهاز المناعة السياسي المكتسب الذي يحول دون السقوط في مرض الايدز السياسي، ويقاوم أية جرثومة استعمارية أو أي شعار مستورد يضعف المناعة الوطنية. نريد من الصحافة أن تزرع الخبز في عيون الفقراء، وتطبب جراحهم، وتترافع عن الأمهم، وتتقاسم معهم الحب والخبز والحزن أيضاً، لا تطعمهم هواء أو أكياس خبز بلاستيكي، بل تجلس معهم على الأرض، وتكفكف دموعهم وتضطر إلى نقدهم بأدب وحضارة، كي يلامسوا الحقيقة، ويتلمسوا مواقع النور الخفية تحت جراح المعاناة. يقول غازي القصيبي في كتابه «أمريكا والسعودية: حملة إعلامية أم مواجهة سياسية» (ص 34). اصدار مؤسسة العربية للدراسات والنشر: «ان الأمير تشارلز كف نهائيا عن قراءة الصحف، لانه لا يريد ما يعكر صفوه واضاف: بوسعي ان القي 20 خطابا مهماً ولا تنشر الصحف كلمة واحدة. ثم احك انفي، مرة، لاجد الصورة في اليوم التالي في جميع الصحف». الصحافة الحرة يجب أن تركز على ايجابيات الحكومة ايضاً كما يجب عليها نقد سلبياتها، ان التكثير من وضع المكياج والمساحيق لا يخدم أحداً، كما أن السلبية والعدمية في كل شيء تعملان على خلق واقع عدمي وتسد فيه كل فضاءات الايجابية، إذاً ينبغي ألا يشد النائب البحريني الصحافة من أذنيها ولو بتشريع قانون
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1324 - الجمعة 21 أبريل 2006م الموافق 22 ربيع الاول 1427هـ