ظلت حركة «حماس» منذ نشأتها قبل 19 عاماً تحصر نشاطها داخل الأراضي المحتلة وضد العدو الإسرائيلي فقط وذلك من أجل استعادة الحقوق الفلسطينية المغتصبة. ولم تحد الحركة، وعلى رغم وجودها المكثف خارج الأراضي الفلسطينية وفي غالبية الدول العربية، عن أهدافها النبيلة إذ لم تتدخل في الشأن الداخلي لتلك الدول.
واليوم وفي الوقت الذي تحملت فيه الحركة المسئولية نيابة عن الشعب الفلسطيني عبر انتخابات حرة تمت محاصرتها من قبل المجتمع الدولي إلا أن منفذها الوحيد لمواجهة الصعاب كان المخلصون في العالم العربي والإسلامي.إذ لم يألوا هؤلاء جهدا في مساعدة الشعب الفلسطيني فأنبروا إلى تقديم الإعانات كل حسب استطاعته.
وبدلاً من الانخراط في جو الاستنفار هذا لإنقاذ الفلسطينيين من محنتهم نجد أن أقرب دولة إليهم من حيث الأواصر الاجتماعية تعتذر عن استقبال وزير خارجية فلسطين بل وذهبت إلى أبعد من ذلك بتحويل الأزمة الفلسطينية من سياسية إلى أمنية حينما اتهمت «حماس» بتهريب أسلحة من سورية للقيام بعمليات تخريبية فيها ولم تعلن هذه الدولة أية أسماء لمعتقلين.
وكان ينبغي على هذه الدولة إجراء اتصالات جادة مع «حماس» منذ اليوم الأول لتسلمها السلطة بل وتقديم الدعوة لقادتها لزيارتها بحكم الموقع الجغرافي والديموغرافي بينها وفلسطين. وحتى وإن حدث خطأ أمني يمكن تجاوزه وعدم إعلانه الآن والفلسطينيون يتضورون جوعا. لكن ما حصل عكس ذلك ويدل على استجابة للضغوط الأميركية والإسرائيلية بعدم التعامل مع قادة «حماس». وهذا التوجه يعبر عن الهوة الضخمة التي تفصل بين ما يقوله كثير من الساسة العرب وما يحدث بالفعل على أرض الواقع،فالتغني بحب الفلسطينيين والتباكي على حالهم والتنادي للوقوف بجانبهم أمور لا يكف عن تردادها هؤلاء الساسة، ولكن الأمر لا يعدو كونه كلامًا للاستهلاك المحلي لا تنتج عنه مواقف عملية بل يبعث على الأسى والأسف، لأنه صادر من قبل الأقربين ورحم الله الشاعر القائل:
«وظلم ذوي القربى أشد مضاضة على النفس من وقع الحسام المهند»
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1324 - الجمعة 21 أبريل 2006م الموافق 22 ربيع الاول 1427هـ