العدد 1323 - الخميس 20 أبريل 2006م الموافق 21 ربيع الاول 1427هـ

التعاقد من الخارج 1 - 2

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

التعاقد من الخارج أو التعهد بات من التعابير التي غالبا ما تصادفنا حينما نطالع مقالا أو دراسة تتحدث عن نجاحات بعض الشركات الكبرى من أمثال مايكروسوفت وهولت أند بكارد. ويبدو أنه مع دخولنا القرن الواحد والعشرين، أصبح الإلمام بايجابيات التعاقد من الخارج وتوفره يمثل إلهاما لتحقيق النجاحات في مجال التجارة والأعمال بالنسبة للمؤسسات أو الشركات. وبحسب دراسة قامت بها GWSAE ، وهي شركة مشهورة في دراسات وأبحاث بناء المؤسسات ومقومات نجاحها، إلى جانب دراسات السوق واتجاهات الاقتصاد على النطاق العالمي، فان 94 في المئة من تلك المؤسسات (انظر الرسم البياني رقم 1 هي بالفعل تمارس التعاقد من الخارج فيما يتعلق ببعض المهمات في عملياتها الإقتصادية.

ونجد أن من بين أهم الأسباب التي تدفع الجمعيات إلى التعاقد من الخارج هي الادخار في الكلف، والتوفير في النفقات المالية الكبيرة، وسد النقص في خبرات الموارد البشرية في بعض المجالات. ولكي يتسنى لنا فهم كل ما يحوم حول حمى التعاقد من الخارج، توجب علينا النظر مليا في معنى كلمة التعاقد من الخارج.

تعريف التعاقد من الخارج

تتعدد التعاريف بشأن مفهوم التعاقد من الخارج. لكن في المعنى العام، ولخدمة هذا المقال، يمكن القول هو أن تختار شركة ما تركز عليه في كل أنشطتها ومواردها المندرجة في صلب أعمالها وقدراتها، ثم تنتهز فرصة الانتفاع بخبرات الشركات الأخرى التي هي أكثر فعالية وكفاءة في أعمال متخصصة أخرى مكملة أو متقاربة مع صلب تلك الأعمال والقدرات التي قررت الشركة الاحتفاظ لنفسها بإنجازها.

فشركات التعاقد من الخارج تركز على مسألة »كيف« بوسع المنظمة التي تتعاقد من الخارج أن تركز على مسألة »ماذا«. وبعبارة أخرى، ومن أجل تقريب المفهوم من الأذهان، دعنا نفترض أن شركة أو مؤسسة تصمم وتقوم بتنفيذ حملة تطوير توظيف ناجحة من أجل تشغيل 500 عضو جديد. فهذا يسمى تركيز على صلب احدى قدرات تلك الشركة (والذي هو يتمثل في »ماذا« تفعل المؤسسة).

فاذا قامت شركة التعاقد من الخارج بالتعامل مع هؤلاء الأعضاء، فان الأمر راجع لها لمعرفة »كيف« يجب التعامل مع هؤلاء الـ 500 موظف الجديد الذين أضيفوا إلى قائمة العاملين في الشركة بطريقة سريعة وناجعة، وبكفاءة عالية. وهنا ستجد الشركة المتعاقد معها مجموعة من المهمات المعقدة التي ينبغي عليها القيام بها بكفاءة أعلى وكلفة أقل.

لا يجب النظر إلى التعاقد من الخارج أو استعماله كحل تجاري قصير الأمد، لكن من الضرورة بمكان أن يتم تحديد الدائرة التي سيشغلها ذلك العقد بشكل دقيق وواضح، لا يفتح أي مجال الاجتهاد ومن ثم الخلاف. لذلك يجب التعامل مع ذلك التعاقد باعتباره شراكة استراتيجية طويلة الأمد مع شريك خارجي. يكفي أن نلقي نظرة على حجم الأموال التي أنفقت على التعاقد من الخارج في الولايات المتحدة وحدها وخلال الخمس السنوات الأخيرة من القرن الماضي كي ندرك أهمية توفير رؤية الشراكة الاستراتيجية تلك.

في سنة 1996 احتلت مداخيل التعاقد من الخارج مرتبة 100 مليار دولار أميركي، ارتفعت في نهاية القرن الماضي لتصل إلى أكثر من 300 مليار دولار أميركي (انظر الرسم البياني رقم 2. أما سبب هذا الاتجاه التصاعدي فهو سهل للغاية؛ فقد أصبحت المنظمات تتجه أكثر فأكثر إلى اعتماد مسألة التعاقد من الخارج باعتباره حلاً استراتيجياً طويل المدى للكثير من المشكلات التجارية المعقدة التي تواجهنا اليوم. فعلى الشركات أن تركز مواردها على الأشياء التي يتقنونها ايما إتقان، والتي هي صلب أعمالها وصلب قدراتها. أما الباقي فيجب أن يخضع للتعاقد من الخارج.

قدرات المؤسسة

ما هو صلب قدرات المؤسسة، البيع بالتجزئة، الخدمات، التدريب والتعليم، العلاقات العامة؟ ما هي بعض الأنشطة المجاورة التي يجب القيام بها لتحقيق الأداء الأفضل لصلب هذه الأنشطة؟ تجهيز البيانات، تأمين الخطوط اللوجستية، تطوير قنوات البيع، حملات الترويج والإعلانات المرتبات، إلخ؟ عندما تحدد صلب قدرات المؤسسة المعنية يصبح تحديد الأنشطة التي يجب أن تخضع للتعاقد من الخارج أكثر سهولة.

غير أن التعاقد من الخارج ليس بالحل السحري لجميع المشكلات. لكن اللجوء إلى التعاقد من الخارج يصبح ملجأ من أجل خفض الكلفة، إلى جانب المجالات التي لا تدر ربحا مجزيا على المؤسسة، أو التي تعاني فيها المؤسسة من نقص في الخبرات أو الموارد البشرية، كما يمكن للتعاقد الخارجي أن يكون حلا مثاليا عندما يوفر حلا اقتصاديا لمجموعة من المنظمات التي ترغب في التشارك في منصة خدمات واحدة.

فمثلا هناك الكثير من المنظمات التي تعهد بتقنياتها المعلوماتية إلى متعاقدين من الخارج بسبب التغييرات السريعة التي تجعل من الصعب التعامل مع هذه المسألة داخل الشركة أو المؤسسة، وخصوصاً إذا ما كانت الموازنة محدودة. لذلك فانها تتجه نحو المختصين الذين يتقنون التعامل مع تكنولوجيا المعلومات لكثير من المنظمات لتنمية الاقتصادات الكبيرة الحجم.

فوائد التعاقد من الخارج

تتراوح فوائد التعاقد من الخارج من توفير وقت الموظفين ما يخولهم التركيز أكثر على أنشطة تدر المزيد من المداخيل الناجمة من صلب الأعمال التي تقوم بها الشركة المعنية، مرورا توافر المرونة المتاحة لإنهاء مشروعات أخرى وتقليص مساحة المكتب ومن ثم التوفير في النفقات، انتهاء بخفض مساحات المجازفة من خلال توسيع قاعدة المشاركة والأداء.

لكن يبقى أول وأهم شيء يجب أخذه في الاعتبار قبل التعاقد من الخارج هو معرفة صلب نقاط القوة والأنشطة للعاملين في المؤسسة التي تنوي المؤسسة المعنية الدخول في تعاقد من الخارج معها. وعندما تحدد هذه الأشياء، يمكن الانتقال لتحديد المهمات أو الأنشطة المجاورة التي يمكن اعتبارها مرشحة للتعاقد الخارجي. كما يجب النظر أيضا في الأعضاء، والزبائن، وبائعين آخرين، ومجلس الإدارة.

كما يجب أن يكون واضحا عند تحرير العقد مع شريك التعاقد الخارجي، وتحديد من هو المسئول عن ماذا، أن تحديد أيضا ما هي المخرجات المتوقعة من هذا التعاقد، وكيف سيتم فض النزاعات عند حصولها، وما الذي سيحصل إذا لم تنجح العلاقة بين المؤسستين. لذلك يجب وضع توقعات معينة خاصة، ومعايير ومسئوليات محددة مسبقا. كيف سيتم تحديد كل ذلك، هذا ماسيتم التطرق له بالتفصيل في الحلقة الثانية من هذا المقال

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1323 - الخميس 20 أبريل 2006م الموافق 21 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً