العدد 1323 - الخميس 20 أبريل 2006م الموافق 21 ربيع الاول 1427هـ

«لوردات الأدغال»

جعفر الجمري jaffar.aljamri [at] alwasatnews.com

-

عنوان مقتبس من مقال بروس واطسون: «طرزان الأسطورة الخالدة». اذ اجتاحت العالم حمّى هيمنة الفرد على الغابة من اليابان، ايرلندا وصولاً إلى أميركا، وهي حمّى سرت في المجتمعات المتمدّنة بحثاً عن أسطورة مهجّنة. بمعنى انغماسها في صور ومعطيات الحاضر بكل امكاناته، وتسللاً إلى الجانب النقيض، إذ كل شيء يوحي بالبكارة، أو البدائية، وهو انغماس، أو هروب له مدعاته أحياناً، مادام محصوراً في نطاق التخيل الشعبي، لكنه متى ما برح تلك المساحة انتقالاً إلى قوى تملك من أسباب القوة الكثير والمفزع، فإن الأمر يتجاوز مجال التخيل إلى مجال التوظيف والإيحاء المراد منه تمرير رسالة مختزلة مفادها: أن بإمكان القوى المهيمنة والممسكة بمقادير الأمور، تحويل المتخلف والبدائي والغارق في غيبوبته إلى عالم واقعي ومتطور، كل ذلك بفضل القوة ولا شيء غيرها.

الحال التي انتابت مواطنين متمدنين من اليابان، ايرلندا، وصولاً إلى أميركا، لم ينسوا أن يمنحوا أنفسهم فسحة من تخيل أنهم يتأرجحون من غصن إلى آخر، وبحسب تعبير واطسون «على امتداد الولايات المتحدة، كانت قبائل من الأطفال تتسلق الأشجار». مثل ذلك التأرجح لا يخلو من رمزيته في توظيف الأطراف الممسكة بالقوة، ويحاول أن يمرر رسالة مختزلة أيضاً هذه المرة تتركز في التأرجح من جغرافية متخلفة، مروراً ببؤر مشبعة بالقلق والصداع، وليس انتهاء بوحوش بشرية تريد أن تفرض هيمنتها ونظام همجيتها على المجتمع البشري، وإن تشكل في عمق غابات الأمازون.

تربية قرود لصبي في مجاهل من المكان - إفريقيا نموذجاً - يوحي بتأصيل وتأكيد حالات التمييز أو لنقل الانتقاء الذي يطول المكان أولاً، ما يعني أنه يطول الانسان. ولتعميق الفارق والاختلاف، كان لابد لذلك الصبي أن يكون أبيض. ما الذي قذف بصبي أبيض في مجاهل مكان ينتمي الى قارة سمراء؟ سؤال يبدو بليداً. أليس كذلك؟ لكن البلادة تكون أكثر إيلاماً وكلفة حين يستطيع ذلك الأبيض - بقدرة قادر - أن يروِّض وحوشاً تظل على تواصل حسي ونفسي، بل وعلى مستوى توارد الخواطر مع ذلك الصبي من دون أن يطلق بوقه المألوف وصرخته النموذجية، في الوقت الذي تكون فيه تلك الوحوش في حال من الترصد والنفور من مواطني المكان نفسه.

هل نحن بصدد ترميز آخر يوحي الى ترصد الأنظمة في تلك الأمكنة للذين قدر لهم أن يكونوا أقل قوة، وتحت مسمى رعايا؟ ربما

إقرأ أيضا لـ "جعفر الجمري"

العدد 1323 - الخميس 20 أبريل 2006م الموافق 21 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً