يابلاش... على العلاوات
القرار الذي صدر أخيراً بصرف علاوة سيارة قيمتها 300 دينار بحريني لكل وكيل وزارة... أو بدرجة وكيل وزارة... أو ما يعادله... هو بالطبع للذي لا يعلم فإنه يكون هدراً وتبذيراً للأموال العامة... ولكن الذي يعلم بما كان يعمل به قبل صدور هذا القرار فإنه بلاشك سيقول إن الدولة وفرت الكثير من الأموال.
المعمول به في السابق (قبل أن يصدر هذا القرار) هو أن يعطى وكيل الوزارة سيارة تكون تحت إمرته طول الوقت، ومعها سائق يصرف له راتب من الوزارة... وطبعاً هذه السيارة تكون تحت سلطة وزارة المواصلات وهم المسئولون عن صيانتها الشهرية، كما وأنهم مسئولون عن تصليحها إذا حصل بها أي ضرر.
صحيح أن سيارة الوكيل تكون أقل حجماً من سيارة الوزير، ولكن الصحيح أيضاً أنها ببلاش والوكيل لم يضرب فيها كزمة ولا شيول... ولو حسبنا الكلفة الكاملة والشاملة لسيارة الوكيل المصروفة له من قبل الحكومة فسنجدها تقارب ضعف المبلغ الذي تنوي الحكومة صرفه على أساس علاوة شهرية.
هذا من جهة، أما من جهة ثانية فإن حسبة 300 دينار بحريني شهرياً على الكم الكبير من وكلاء الوزارات ستكون مبلغاً مالياً كبيراً... لا بل ضخماً... فمن الأشياء المعروفة في البحرين أنها من أكثر الدول في العالم التي بها وزراء أو من يحملون درجة وزراء، بعضهم لديهم وزارات فعلية وبعضهم من دون.
ولو أخذنا عدد الوزراء في الولايات المتحدة الأميركية وأضفناهم إلى عدد الوزراء في بريطانيا العظمى ثم أضفنا لهم عدد الوزراء في ألمانيا الاتحادية وجمعناهم مع عدد الوزراء في الجمهورية الفرنسية فسوف يكون الناتج العام لهم جميعاً هو بالضبط عدد الوزراء في البحرين... إن لم ينقص العدد واحد... أو اثنين.
وعدد وكلاء الوزارات عندنا يفوق عدد الوزراء برقم كبير، وربما يكون أربعة أضعاف... فهناك وكيل وزارة لكل وزارة عاملة، وهناك وكيل وزارة لكل وزارة غير عاملة، وهناك عدد من الوزارات التي يكون لديها ثلاثة أو أربعة وكلاء وزارات، وهناك وكلاء وزارات ليس عندهم وزراء، وهناك عدد كبير من الموظفين الذين يحملون صفة وكيل وزارة، ولدينا أيضاً عدد من الموظفين الذين هم بدرجة وكيل الوزارة.
وإذا حسبناهم كلهم مع بعض فإن العدد النهائي سيصل إلى أكثر من مائتين... تصوروا مائتين وكيل وزارة في بلد تعداد سكانه نصف مليون معدوم وفقير... وموارده محدودة... ويصرف لكل وكيل 300 دينار، والمبلغ النهائي لعلاوة النقل ستكون 60 ألف دينار بحريني شهرياً فقط لاغير... يا بلاش على الفلوس.
نحن لدينا في مملكة البحرين الكثير من الشباب العاطلين... وبعضهم متزوج ولديه أطفال... وهم يداومون على مكاتب التوظيف للحصول على أعمال شاقة، وموافقون على وظيفة متعبة وبراتب شهري يقل عن مبلغ العلاوة الشهرية لسيارة وكيل الوزارة... أليس من الأصلح أن نصرف هذه الأموال عليهم بدلاً من إعطائها لموظفين كبار يتسلمون الرواتب الخيالية إضافة إلى الكثير من المميزات المالية الغير معلنة؟
إذا كان ولابد... فإن الباصات التي تستخدمها شركة النقل التي تجوب شواع البحرين موجودة... وتحت الإمرة... وحسب ما نرى فإن هذه الباصات جديدة ومكيفة، وكل باص يسع خمسين راكباً... ولو استأجرت الحكومة عدد 4 باصات لنقل العدد الكامل لوكلاء الوزارات للذهاب إلى الدوام والعودة منه لكان أرخص... ونضيف عليها باصاً لكل من مجلس النواب والشورى ليصبح المجموع 6... وحتى لو كان تشغيل الباص لمدة 24 ساعة يومياً ويتناوب على كل واحد منهم ثلاثة سائقين، ومع أجرة الصيانة والتجديد، فإن المبلغ الكلي سوف لن يتجاوز العشرة آلاف دينار بحريني شهرياً...
إضافة إلى الذهاب والعودة من الدوام، فإنه من الممكن أن تكون لهذه الباصات جولات مكوكية ودائمة على مدار الساعة من منازل المستفيدين (المسجلين في قائمة الركاب) وإلى الأسواق والمستشفيات والأماكن الأخرى التي تهمهم... وبهكذا فكرة تكون الحكومة وفرت الكثير من الأموال من جهة، وساعدت على تخفيف الازدحام في الشوارع من جهة أخرى، وتأكدت من وصول الموظف الكبير إلى عمله في الوقت المحدد ومن دون أية ضغوطات عصبية ناتجة من سياقة السيارة في وقت الذروة.
والله هذه فكرة حلوة... ومن الممكن إذا نجحت أن يتم تطبيقها على الوزراء ولكن بشكل أرقى... كأن يعمل لهم قطارات تسير على سكك معلقة
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1322 - الأربعاء 19 أبريل 2006م الموافق 20 ربيع الاول 1427هـ