العدد 1322 - الأربعاء 19 أبريل 2006م الموافق 20 ربيع الاول 1427هـ

تداعيات استئثار البعض بالثروة

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

نواصل في هذه الحلقة نقاشنا الذي بدأناه أمس بخصوص ظاهرة استئثار البعض بالثروة إذ نركز على تداعياتها. وتتمثل هذه التداعيات في البطالة وتدني الأجور وانتشار الفقر.

البطالة

يساهم استئثار البعض بالثروة في التسبب في شيوع ظاهرة البطالة في أوساط المواطنين إذ يفضل أصحاب الثروات توظيف العمالة الأجنبية ومنحها أجوراً متدنية في ظل غياب التشريعات التي تحرم استغلال الأجانب. فهناك من الأجانب من يعملون إلى نحو 10 ساعات يومياً كما أن بعضهم لا يحصلون على أجورهم بانتظام. المؤكد أنه لا يمكن معاملة المواطن البحريني بهذا النحو.

في المقابل، تساهم ظاهرة استغلال الأجانب في إيجاد بطالة في صفوف المواطنين. ففي تصريح منسوب إلى سمو ولي العهد بلغت نسبة البطالة 15 في المئة في مطلع العام 2003. كما أن دراسة «ماكينزي» ألمحت إلى أن نسبة البطالة في صفوف القوى العاملة البحرينية تتراوح ما بين 13 و 16 في المئة. كما أشار التقرير إلى انتشار ظاهرة البطالة المقنعة، أي الأفراد الذين يعملون في وظائف أقل من مستوياتهم سواء من حيث الدرجة العلمية أو الخبرات التي يمتلكونها. وفي العام 2005 كشفت دراسة ميدانية أعدها مركز البحرين للدراسات والبحوث لحساب وزارة العمل أن عدد العاطلين هو (20199) يمثلون 14 في المئة من حجم القوى العاملة الوطنية. وأخيرا سجل أكثر من 14 ألف مواطن عاطلين في إطار شروط البرنامج الوطني للتوظيف.

الفري فيزا

كما لا بد من التذكير بظاهرة «الفري فيزا» أي الأجانب الذين يتم جلبهم للبلاد لوظائف غير محددة. وتعني كلمة «الفري فيزا» العامل الأجنبي الذي حضر إلى البحرين بتأشيرة تأهله للقيام بأي وظيفة ممكنة يحصل عليها، فهو حر وطليق وغير ملزم بعقد مع أية جهة. في المقابل المطلوب من الأجنبي دفع مبلغ للكفيل الذي قام بجلبه. يقال ان هناك ما بين 30 ألفاً و50 ألف أجنبي في البلاد من ضمن خانة «الفري فيزا» تمكن أصحاب النفوذ من جلبهم والزج بهم في سوق العمل الأمر الذي تسبب ولايزال في ظاهرة تدني الأجور.

تدني الأجور

تبين حديثا أن هناك أكثر من 33 ألف بحريني يعملون في القطاع الخاص يحصلون على أجور تقل عن 200 دينار شهريًّا. ويعتقد أن أحد أسباب هذه الحقيقة المرة هو الوجود الكثيف للأجانب في القطاع الخاص. يشكل الأجانب نحو 75 في المئة من العمالة في مؤسسات القطاع الخاص. وعليه لعب أصحاب النفوذ دوراً في تأصيل ظاهرة تدني الأجور. المعروف أن الحكومة قررت ومنذ فترة غير بعيدة تحديد الحد الأدنى للأجور في القطاع العام بـ 200 دينار شهرياً.

انتشار الفقر

تقدم وزارة التنمية الاجتماعية مساعدات مالية إلى أكثر من 10 آلاف أسرة. تدفع الوزارة مبلغاً قدره 50 ديناراً شهرياً للفرد كحد أدنى. من جهة أخرى، تمارس الجمعيات والصناديق الخيرية دوراً محوريًّا في تقديم المساعدات إلى العائلات المعوزة والمنتشرة في كل أرجاء المملكة. إذ تقدم الصناديق مساعدات إلى 70 ألف فرد في البلاد، ما يعني أنها تقوم بدور الحكومة. بمعنى آخر يحصل نحو 16 في المئة من المواطنين على مساعدات مالية وعينية شهريا حتى يتسنى لهم العيش بكرامة. يذكر أن دراسة لمركز البحرين للدراسات والبحوث قدرت الحد الأدنى لدخل الأسرة المكونة من 6 أفراد بـ 337 ديناراً شهرياً.

ما يمكن عمله

بحسب الأمين العام لجمعية العمل الوطني (وعد) إبراهيم شريف فإن بمقدور الحكومة أن تمنح كل أسرة في البحرين قطعة أرض تتراوح مساحتها ما بين 3 آلاف و4 آلاف قدم مربع عن طريق توزيع ما بين 20 و30 كيلومتراً مربعاً لا أكثر. المعروف أن هناك نحو 70 ألف أسرة في البحرين. ويذكر أن صاحب الجلالة كان أشار إلى مسألة منح كل مواطن أرضاً وذلك أثناء حديثه الموسع مع رؤساء تحرير الصحف في شهر فبراير / شباط الماضي. وجاء في تصريحات الملك «ان هدفي هو أن يحصل كل مواطن على بيت، وأن تكون الأرض حقًا له من دون كلفة». كل الذي مطلوب الآن هو ترجمة حلم صاحب الجلالة إلى واقع ملموس.

أيضاً ربما حان الوقت لفرض نوع من الضرائب على الأغنياء حتى يتسنى إعادة توزيع الثروة في البلاد. فمسألة فرض ضريبة عالية نسبيًّا على دخل الأغنياء عادة متبعة في الكثير من دول العالم. على سبيل المثال تصل الضريبة في بعض الدول الاسكندنافية إلى حد 60 في المئة حتى يتسنى إعادة توزيع الثروة بين أفراد الشعب لضمان عدم وجود فقراء.

ختاماً، تمثل ظاهرة استئثار البعض بالثروة تحدياً لمشاعر المواطنين. كما أن ترك الموضوع من دون حلول يمثل دعوة مفتوحة إلى استفحال المشكلات في مجتمعنا

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1322 - الأربعاء 19 أبريل 2006م الموافق 20 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً