العدد 1322 - الأربعاء 19 أبريل 2006م الموافق 20 ربيع الاول 1427هـ

توقعات بنمو اقتصادي قوي للسعودية وسط فرص كبيرة

في تقرير عن الاستراتيجية الاقتصادية والرؤية المستقبلية

قال تقرير لبيت الاستثمار العالمي (جلوبل) عن الاقتصاد السعودي والتوقعات الاستراتيجية المستقبلية «نبذة عن الاقتصاد الكلي» إن «المملكة العربية السعودية عضوا في منظمة التجارة العالمية»، عبارة تحمل في فحواها تأثيرات بعيدة المدى تنعكس على سياسات الاقتصاد الكلي والهيكل الأساسي للاقتصاد السعودي، إذ شهد الاقتصاد السعودي تقدما كبيرا على مدى العامين الماضيين، نتيجة لتوافر العوامل المعروفة من ارتفاع أسعار النفط ومستويات إنتاجه. وتقدر نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للسعودية خلال العام 2005 بنحو 22,7 في المئة، ليصل بذلك إلى 1,152,6 مليار ريال سعودي (307.4 مليارات دولار أميركي)، في حين تقدر نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بمعدل 6,3 في المئة، وصولا إلى 767,7 مليار ريال سعودي (204.7 مليار دولار أميركي). كما حققت الدولة فائضا ماليا قويا خلال العامين الأخيرين، ونورد فيما يلي ما طرأ من تغيرات. وقال التقرير إنه وبخلاف الماضي تقوم السعودية هذه المرة بإنفاق الفائض بحكمة على الخطط الطموحة لزيادة إنفاقها الرأس مالي عملا على توفير قاعدة قوية لنموها المستقبلي في كل من القطاعين النفطي وغير النفطي. إذ نشهد خلال هذه الفترة المزيد من الضغوط نحو تنويع القاعدة الاقتصادية والتطور الاقتصادي عموماً.

وتكمن أهمية هذا الأمر في حقيقة أنه في حال لم تقم الحكومة بالاستفادة من فرصة ازدهار النفط لتطوير الصناعات الأخرى، والذي سيعمل بدوره على تنويع تيار إيراداتها، سيكون النمو المستقبلي للدولة متذبذبا وفقا لحركات سوق النفط كما ينطوي ذلك على عامل إيجابي آخر للاقتصاد السعودي، إذ يترتب على الإنفاق الحكومي الصافي أثر مضاعف بمنظور إمكانات توليد سيولة جديدة تنصب من جديد في النظام. ومستقبليا، نتوقع ارتفاع كل من الإنفاق الحكومي وكذلك استثمارات القطاع الخاص إذ ستكون المشروعات المشتركة والطاقات قد تبلورت.

الإنفاق على المستقبل

واشار التقرير إلى أن الإنفاق لا يتركز فقط في توفير قاعدة قوية من البنية التحتية، بل لإعداد أجيال مستقبلية من خلال توفير تعليم مهني وفني ليأخذوا على عاتقهم مهمة السير بالاقتصاد قدما. ويواصل تطوير القوى البشرية احتفاظه بأكبر حصة تخصيص في الموازنة، بحصوله على 87,3 مليار ريال سعودي (26.1 في المئة من إجمالي النفقات) للعام 2006. ونرى أن ذلك الأمر، إضافة إلى اقتران مبادرات الاعتماد على العمالة السعودية، سيساعد المواطنين في الأجل الطويل على الحصول على الوظائف المتخصصة وكذلك بدء مشروعاتهم الخاصة.

إضافة إلى ذلك، تعمل الحكومة على تحسين موقفها الائتماني باستخدام الإيرادات في دفع الديون الحالية، في بادرة منها للوصول إلى المستوى الذي يؤهلها للانضمام للاتحاد النقدي القادم لدول مجلس التعاون الخليجي. وانخفض معدل الدين الحكومي إلى الإيرادات الحكومية من 156 في المئة في العام 2004، إلى معدل يسهل السيطرة عليه بنسبة 85,6 في المئة، نتيجة لنمو إيرادات الدولة التي اقترن بإعادة دفع الديون المستحقة. ومن جانبنا، نرى أن الدولة لديها مرونة مالية وسيولة كافية ما يجعل من موقف الديون الحكومية أقل خطورة. كذلك كان أداء الحكومة جيدا في السيطرة على التضخم لمستوى أقل من 1 في المئة على رغم الارتفاع الكبير في السيولة داخل الاقتصاد.

أما من جانب الإقراض المصرفي، شهد الإقراض الاستهلاكي نموا قويا بفضل إيجابية الموقف الديموغرافي للاقتصاد. كذلك سجل التمويل العقاري من جانب المصارف نموا قويا ببلوغه 13,6 مليار ريال سعودي بنهاية العام 2005، مقابل 3,3 مليارات ريال سعودي فقط بنهاية العام 2001.

الخصخة في المملكة العربية السعودية

وعلى رغم ذلك، يقول التقرير ان كلمة «الخصخصة» كان لها دوي في الاقتصاد السعودي، ما مكنها من الالتحاق بعضوية منظمة التجارة العالمية. فقامت الدولة بفتح قطاعي المصارف والاتصالات بالإضافة إلى خصخصة قطاع البنية التحتية وخصوصاً قطاع الكهرباء والمياه. وكان ذلك من الأمور الضرورية، إذ يضع نمو السكان والتصنيع ضغوطا قوية على طلب الطاقة. وتقدر وزارة المياه والكهرباء أن الدولة ستحتاج إلى 66,400 ميجاوات من قدرات توليد الطاقة بنهاية العام 2023 (مقارنة بمتطلبات العام 2004 البالغة نحو M620 3 ميجاوات)، ويصل نصيب الغاز المشتعل منها إلى 65 في المئة. هذا واتخذت الحكومة إجراءات جادة لتحسين المناخ الاستثماري بالدولة، إزالة العقبات التي تواجه مستثمري القطاع الخاص، السماح بتوظيف القوى البشرية الأجنبية وتعجيل إجراءات منح التراخيص التي كانت تمثل عائقا كبيرا أمام المستثمرين الأجانب. وأتت هذه الإجراءات بثمارها، ففازت مدينة «الجبيل» - المحور الصناعي الناشئ في السعودية - بلقب المدينة ذات أفضل الإمكانات الاقتصادية في الشرق الأوسط من صحيفة «الفاينانشال تايمز» - التي تتناول الاستثمارات الأجنبية المباشرة. كذلك تسارعت وتيرة عمليات الانفتاح في الاقتصاد السعودي، وقام المجلس الاقتصادي الأعلى باعتماد البرنامج التنفيذي لتخصيص المؤسسة العامة للخطوط الجوية العربية السعودية.

إلا أن الأمر لم يقتصر على الحكومة فقط فيما يتعلق بتنفيذ عمليات التوسع الاقتصادي بل أظهر القطاع الخاص السعودي مرونة هائلة في التعامل مع المشروعات الكبرى فعلى صعيد القطاع العقاري، نشهد تزايد مشاركة مستثمري القطاع الخاص والمستثمرين الأجانب في المشروعات السياحية حول المدينتين المقدستين مكة والمدينة. ويجب أن نخص بالذكر مدينة الملك عبد الله الاقتصادية التي تعد أكبر استثمار فردي للقطاع الخاص في المملكة العربية السعودية، والتي تم البدء في تشييدها على ضفاف البحر الأحمر، شمال مدينة جدة باستثمار بلغت قيمته 100 مليار ريال سعودي. ولإنشاء المدينة الكبرى، تم تخصيص مساحة 55 مليون متر مربع من الأرض، بجبهة مطلة على ساحل البحر يصل طولها إلى 35 كيلو متراً، على مقربة من المدينة الصناعية رابغ. ومن المقرر أن تشتمل المدينة على ست مناطق - ميناء حديث يرقى إلى المستوى العالمي، منطقة صناعية، جزيرة مالية، منطقة تعليمية، منتجعات ومنطقة سكنية. وسيؤدي ذلك إلى زيادة الطلب على المواد الخام مثل الحديد الصلب والأسمنت، ودائما ما نشهد مزيدا من الاستثمارات الجديدة تتدفق نحو تلك القطاعات.

ارتفاع السيولة في السوق السعودية

وذكر تقرير «جلوبل» أن أثر ارتفاع السيولة المتوافرة يتجلى في قوة نشاط التداول في سوق الأوراق المالية، والذي ارتفع بفضل تزايد اهتمام المستثمرين وقد أنهت السوق السعودية العام تداوله بمكاسب سنوية هائلة بلغت نسبتها 103,7 في المئة، تلت المكاسب السنوية المحققة بنسبة 84,9 و76,2 في المئة في العامين 2004 و2003 على التوالي. إلا أن السوق شهدت تصحيحا خلال شهر مارس/ آذار من العام 2006، ليتراجع بنسبة 12,52 في المئة، ما أدى إلى بلوغ نسبة النمو السنوية منذ بداية العام وحتى نهاية الربع الأول من العام 2006 إلى 2 في المئة فقط. إلا أنه في ظل التصحيح الأخير الذي شهده السوق، أدت التطورات التنظيمية الجديدة من جانب المنظمين إلى تخفيض القيمة الاسمية للأسهم من 50 ريالاً سعودياً إلى 10 ريالات سعودية، والتي من المتوقع أن ترفع السيولة وتجذب مستثمري التجزئة. ومن أهم القرارات التي تم تشريعها، السماح للوافدين بالاستثمار المباشر في أسواق الأوراق المالية. إذ لم يكن بإمكانهم سابقا الاستثمار في الأسهم السعودية إلا من خلال صناديق الاستثمار.

ورأى التقرير أن انضمام السعودية إلى عضوية منظمة التجارة العالمية سيقدم المزيد من القوة الدافعة للنمو الاقتصادي، إذ يشهد المناخ العام للاقتصاد السعودي تحسنا ملحوظا، ومن المتوقع أن تجنى الجهود الحكومية الهادفة إلى تحسين المناخ الاستثماري في الدولة عوائد كبرى في المستقبل. كما نتوقع أن يشهد كل من الاقتصاد سواء من جانب الشركات المحلية أو المستثمرين الأجانب، نموا جيدا، والذي سيتم دعمه من قبل الاقتصاد الرائج وفرص الأعمال الهائلة في المملكة

العدد 1322 - الأربعاء 19 أبريل 2006م الموافق 20 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً