العدد 1321 - الثلثاء 18 أبريل 2006م الموافق 19 ربيع الاول 1427هـ

الديمقراطية الزائفة والاقتصاد الشامل

هشام عبدالرحمن خليفة comments [at] alwasatnews.com

كتب صدرت ودارت الأحاديث عن صراع الحضارات والهيمنة السياسية الاقتصادية عبر تاريخ البشرية المعاصر. لكن يبقى الأمر نفسه، وهو أن كنا نتعلم مما مضى أم لا؟ في بعض الدول، كل خطوة تقدم تلحقها خطوتان تخلف. كلما نصبت المشروعات التجارية الناجحة في بادئ الأمر، يبان في المستقبل بأن تلك المشروعات مجرد لعبة بائسة ضاحكة على الناس، مقصدها جرد وسلب المدخول القومي من موارد البلد المعني. وذلك من أجل الحفاظ على سيطرة الأقلية على الغالبية.

بينما يحاكي الغرب الدول النامية باحتضان الديمقراطية والتغلب على القمع واحترام حقوق الإنسان، نرى التيارات ولوبيات المصالح الاقتصادية السياسية الغربية تهف ريحاً على عكس هذا القصد. والنتيجة هو احتضان الدول النامية لديمقراطية زائفة غرضها مثل غرض الأنظمة القمعية التي ساندها الغرب في الماضي. أنظمة تلعب دور فاتح الأندلس وسجان جبل طارق في الوقت نفسه. فاتحة أبوابها للشركات العالمية الكبرى من شركات النفط والزراعة وحتى شركات الماء والكهرباء؛ متعاونة معهم في اقتباس الأرباح والأموال من دون محاسبة ولا شفافية، وكابتة على أنفاس المواطنين، تدفعهم للعمل باجور منخفضة لا يمكنها أن تبرر اقتصادياً إلا في إطار ربحية أكبر.

ومشكلة الديمقراطية الزائفة أخطر بكثير من مشكلة مساندة الغرب للأنظمة الدكتاتورية. لأن في ظل تلك الديمقراطية ينشغل الكثير من المواطنين وخصوصاً المتعلمين والمثقفين منهم في الحركة الاقتصادية، يتسابقون في تحصيل ثروتهم وتوسيع أعمالهم بدلاً من الاهتمام بالمناقشات البرلمانية أو الشعبية. فتترك الديمقراطية لمن هم يهتمون بغير الاقتصاد الوطني والشفافية والحوكمة، شاغلين وقت البرلمان في القضايا التافهة غير مدركين بأن البساط مازال ينسحب من تحت أقدام المواطنين حتى وأن كان هذا زمن الانفتاح والتطور والمشروعات الاقتصادية الضخمة.

ربما دول الخليج رائدة عن معظم الدول المجاورة في الشرق الأوسط وافريقيا، لكن مازلنا في بداية الطريق. مازالت ثقافتنا الشعبية الديمقراطية في خطواتها الأولى. ولذلك يتطلب الأمر لمن هم يعلمون بأن المال مصدره عرق الجبين وليس الحقوق الأناكرونستيكية، بأن يقودوا مجرى الديمقراطية مما هي عليه اليوم إلى إمكانها الحقيقي. لأنه فقط بالمساهمة الذكية والمؤهلة، وتشجيع عامة الناس على الإدلاء بآرائهم في إطار ذلك الوعي الديمقراطي الحقيقي، يمكننا أن نقول بأننا نعمل من أجل الوطن وليس فقط لأنفسنا.

الخصخصة، المشروعات الاستثمارية العالمية، وكل أمور التطور الاقتصادي الأخرى تزداد يوماً بعد يوم. لكن كيف يمكننا أن نقول إن الخصخصة على سبيل المثال شاملة، أي أنها لا تتخلى عن مسئوليتها نحو المواطنين بحجة الربحية وتكون مجرد سبب آخر لنهب موارد البلد ومقابلة متطلبات الغرب السياسية الاقتصادية عبر ديمقراطية وانفتاح زائف؟ ولا يمكننا منع هذا من الحدوث إلا عبر النقاشات الشعبية المفتوحة وتولي المسئولية التنفيذية من قبل أولئك الذين يمكننا أن نراقبهم ونحاسبهم

العدد 1321 - الثلثاء 18 أبريل 2006م الموافق 19 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً