في يوم من الأيام، قمت بزيارتين متتاليتين لجمعيتين نسائيتين مختلفتين، أقامت كل منهما فعالية مختلفة. وبعيداً عن مضمون الفعالية، ومحتواها أو أهدافها، وبعيداً عن الحضور أو انتماءاتهم الفكرية أو السياسية، وبعيداً عن أشكالهم أو كل ما يتعلق بهم، أحب أن أذكر مفارقة لفتت نظري في كلتا الجمعيتين النسائيتين، اللتين تحملان إجمالاً الأهداف نفسها، وتقومان إجمالاً أيضاً بالأنشطة نفسها. المفارقة متعلقة بمقر كلتا الجمعيتين، في الفعالية الأولى كان المقر هو عبارة عن شقة في الدور العلوي لمبنى قديم ومغبر وحالك، ولأن الفعالية كانت غنية فقد حضرها عدد كبير جداً من العضوات وغير العضوات من النساء، الأمر الذي تسبب في أن تزدحم تلك الشقة الصغيرة عن بكرة أبيها بالحاضرات، حتى لم يعد يسمع أي صوت بين ذلك الجمع من البشر. وبنهاية الفعالية، اتجهت إلى جمعية نسائية أخرى تقيم فعالية أخرى في مقرها الذي لا يبعد كثيراً عن مقر الجمعية الأولى. الحي راق، والجمعية عبارة عن فيلا كبيرة الحجم، وعلى رغم محدودية عدد الحاضرات، فإن إدارة الجمعية استعدت من الألف إلى الياء لاستقبال الحضور. لا نعيب على الجمعية الأولى صغر حجم مقرها أو محدودية مواردها، ولا نحسد الجمعية الثانية على فخامة مقرها وتنظيمه وتهيئته للعضوات، إلا أن المفارقة بين الجمعيتين، والتفاوت بين مقر كل منهما، يخضع لعدة عوامل وتفسيرات، لا توصف إلا بشيء واحد، «هناك طبقية حتى في العمل التطوعي»