لم يكن «أحلام» الفيلم العراقي الأول الذي يتم انتاجه بعد سقوط نظام الحكم الصدامي، فلقد سبقه فيلما «زمان رجل القصب» و«غير صالح للعرض». لكن ما يميز هذا الفيلم بحق، ويجعل منه الأول (بعد سقوط النظام) بل وأهم هذه الأفلام هو النقلة السينمائية الواعية التي يحدثها للسينما العراقية. وعلى رغم بعض نواحي الضعف الفني التي يعاني منها، فإن «أحلام» وبشهادة أكبر النقاد، أعاد لسينما بلاده شيئاً من مجد السبعينات الذي عاشته والذي جاء بفضل اعتماد صانعيها في تلك الفترة أسلوب الواقعية البحتة في عرض قضايا وهموم الشعب العراقي آنذاك. اليوم يأتي فيلم جديد يعود به محمد الدراجي الذي لا يجد أسلوباً أفضل لنقل معاناة أبناء بلده من اسلوب الواقعية ذاك، فالحال العراقية لا تحتمل الترميز أو الاسقاطات أو... اللف والدوران، ولذلك أرتأى الدخول بشكل مباشر وواقعي لقصصه الثلاث التي عرض من خلالها بعض أوجه المعاناة التي عاشتها شخصيات ثلاث بدأت أحداثها إبان الحكم الصدامي ولا تزال معاناتها مستمرة على رغم سقوطه. ولم يكتف الدراجي باستعراض نماذج ممثلة للواقع لكنه لجئ الى اعتماد قصص حقيقية بعض أبطالها لايزالون على قيد الحياة، بل واستعان في تقديمها على الشاشة ببعض ممن عاشوا معاناة قد تكون مشابهة لحد كبير لما يقدمون على الشاشة.
فيلم «أحلام» أعاد الحياة للسينما العراقية، وحصل على اهتمام عالمي دفع بصانعه للعمل حثيثا على الانتهاء من تصوير فيلمه الثاني «أم حسين» الذي يحكي هو الآخر وجها آخر من وجوه معاناة الشعب العراقي. هذه المرة عبر حكاية سيدة تفقد أبنها في حرب الخليج، وتظل تبحث عنه. الفيلم يستعرض صورة أخرى من صور المعاناة العراقية هذه المرة عبر استعراض قاس لضحايا المقابر الجماعية، سواء الأموات منهم أو الأحياء.
فضائية البحرين... ومشروع مصالحة
المسئولون في هيئة الاذاعة والتلفزيون لا يترددون في الإعلان عن باقة برامجهم الجديدة في كل مكان، رافعين شعارات المصالحة مع المشاهد هنا وهناك. والجمهور لايزال يبحث عن الوجوه البحرينية ويتساءل أين خريجو كلية الإعلام التابعة لجامعة البحرين، وهل يعقل ألا تجد الوزارة من يشرفها ويرفع رأسها من بين هؤلاء الخريجين؟ وهل يعقل ألا نتمكن من أن نسمع لهجتنا البحرينية على تلفزيوننا وأن نكتفي بسماعها مخففة و«متدلعة» على لسان اخواننا العرب. ومع احترامي لجميع القدرات والطاقات العربية، إلا أن المفترض أن تكون الفضائية هي «وجه البلد» وان تقدم للمشاهد في جميع أنحاء العالم عينة من أبنائه، من المحرق حتى المنامة وصولا للشاخورة والجنبية انتهاء بالمالكية والزلاق. لا أعرف حقا أي مشاهد ذلك الذي تريد الهيئة التصالح معه!
كله إلا ده يا هيفا
حسن، هذا ما كان ينقصنا، هيفاء تغني لأطفالنا، وتتقرب إليهم. انتهت من الشباب و«خلصت عليهم» والآن جاء دور براعمنا الصغيرة، لتساهم في وضع لمساتها الحنونة على عالمهم. هي موضة على أية حال، بدأت فيها نانسي عجرم ربما، فأبت هيفاء إلا أن تضع بصمتها واضحة في عالم أطفالنا وتساهم في تربية النشء وتعلمه عن عالم الواوا وكيف يجعلها بردانة وبحاجة لدفء الحبيب، «ما فيش حد أحسن من حد». أطلقت أغنية مبتذلة فيها الكثير من ملامحها، أسمتها الواوا تشبهها الى حد الغثيان، ويا عيني عليك يا هيفا، حريصة على صغارنا وتريدين اسعادهم، باغنيتك التي تتدفق طفولة تشبه تلك التي تطل من نظراتك وتأوهاتك.
علينا الآن أن نقف موقفا مختلفا، اولياء الأمور عليهم أن يتجنبوا أي قصص ذات علاقة بالواوا، أما واضعو اللهجات العربية فعليهم أن «يشطبوا» هذه المفردة «الواوا» من كل القواميس العربية. سامحك الله يا هيفا، أحدثتي أزمة لغوية تشبه أزمة المرور التي تسببت فيها في بلد عربي شقيق، كيف يمكن لنا الآن الاستعاضة عن الواوا في ما تبقى من تراثنا الشعبي، وكيف يمكن أن تتم قصص أطفالنا من دونه. الفضائيات العربية عموماً عليها أيضا أن تقف موقفا تربويا شجاعا، صحيح أنه «ما لهم إلا هيفا» لكن اعتقد أنه يجب منع كليب الأغنية الذي يحوي بكل تأكيد مشاهد لا تصلح لكبار القوم فضلاً عن الصغار
إقرأ أيضا لـ "منصورة عبد الأمير"العدد 1321 - الثلثاء 18 أبريل 2006م الموافق 19 ربيع الاول 1427هـ