العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ

لا تعتذر يا فخامة الرئيس!

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

هل سمعتم في حياتكم أن رئيساً عربياً اعتذر في حياته عن خطأ قط؟ وعلى رغم كل الكوارث التي سببها الحكام العرب لشعوبهم، هل خرج حاكمٌ عربيٌ مرةً واحدةً على شاشة التلفزيون ليقدّم اعتذاره؟ وهل يخطئ الحكام العرب أصلاً ليعتذروا؟ أليسوا من طينة ملائكية أخرى تميّزهم عن كل حكام العالم فهم لا يخطئون؟ ولماذا يطالب ملايين المسلمين الشيعة من فخامة الرئيس المصري محمد حسني مبارك بتقديم الاعتذار عن تصريحاته الأخيرة؟ هل اتهامهم بعدم الولاء لأوطانهم جريمة؟ وهل اتهامهم بالولاء لإيران يستحق كل هذه الضجة «المفتعلة»؟

ولماذا يعتذر فخامته عن التصريحات التي مسّت كرامة ملايين المواطنين العرب مادام هناك مئاتٌ من تنابلة السلطان الذين تطوّعوا للدفاع عن زلّة لسانه؟ ألم تقل «الأهرام» في مانشيتها العظيم: «انهم لم يفهموا ما يقول»؟ ألم يخرج أحد التنابلة عندنا ليقول: «ما الخطأ في تصريحات مبارك»؟

وهل تأمل هذه الملايين أن «يتنازل» رئيس أكبر دولةٍ عربيةٍ بتقديم اعتذارٍ لهم عن مجرد «زلة لسان» بسيطة؟ هل يطمحون حقاً إلى أن يغيّر تلك المعادلة الجاهلية الخالدة: «فنجهل فوق جهل الجاهلينا»؟ وهل يتوقّعون أن تغيّر القبائل العربية أعرافها الضاربة منذ سبعة عشر قرناً من أجل سواد عيون 65 في المئة من العراقيين؟ وحتى لو كانوا 100 في المئة من الشعب العراقي، هل تتوقعون أن يعتذروا عن تصريحاتهم؟ ومتى اهتموا بالشعب العراقي حتى يهتموا به اليوم؟ يوم شاركوا بقواتهم في «عاصفة الصحراء»؟ أم يوم تفاخروا في إحكام الحصار وتجويع العراقيين طوال 12 عاماً؟ أم يوم فتحوا أجواءهم وقواعدهم لمساعدة الحليف الاستراتيجي لغزو العراق؟ تريدونهم اليوم أن يعتذروا للعراقيين عن تصريحٍ بسيط؟ إنكم إذن واهمون.

هؤلاء لم يعتادوا أن يعتذروا عن أي خطأ أو زلل، لأنهم ببساطة: معصومون. لا يأتيهم الباطل من بين أيديهم ولا من خلفهم. هؤلاء لم يولد لهم منافسٌ بعد، في بلدٍ تعداده سبعون مليون نسمة. هؤلاء يتعاملون بلغة «سبعين مليون حشرة»، فبلدانهم لم تنجب غير «أسرة الرئيس»، فإذا مضى الأب أتى الابن الموعود لرفع البلد إلى مصاف الدول الصناعية العظمى!

يعتذرون؟ من قال لكم انهم سيعتذرون؟ تحسبون أنفسكم في سويسرا أو بلجيكا أو حتى جنوب إفريقيا؟ أنتم مازلتم في الصحراء العربية، إذ لم يتغير فيها غير استبدال الناقة بالرويس رايس، والعقال بـ «الكرفتة».

يعتذرون؟ لاشك إنكم تمزحون! وهل اعتذر فخامة الرئيس المهيب الركن صدام حسين عن حماقة واحدة من حماقاته التي أغرقت المنطقة في بحار الفتنة والدماء؟ هل اعتذر عن المقابر الجماعية التي طُحِنَت فيها عظام آلاف العراقيين؟ هل اعتذر عن استخدام السمتيات والأسلحة «الكيماوية» ضد أبناء الشعب العراقي في الأهوار والشمال؟ هل اعتذر عن الحروب العبثية ضد جيرانه العرب والمسلمين؟ أم اعتذر عن احتلال الكويت الشقيق وتشريد شعبه وحرق مئات من آبار نفطه؟

لا يافخامة الرئيس... لا تعتذر... الاعتذار ضعفٌ وميوعةٌ، وهو مخالفٌ لتقاليدنا وعاداتنا العربية الأصيلة. اصمد على موقفك الشامخ، فليس من أخلاق الحكام الحكماء الاعتذار

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1320 - الإثنين 17 أبريل 2006م الموافق 18 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً