من أشق الأمور التي يواجهها الصحافي في حياته المهنية مسألة استقاء الأخبار والمعلومات من المصادر في شتى القطاعات الحكومية والخاصة، وباعتقادي ان ذلك يعود ربما إلى الأجواء العامة التي تكتنفها سياسة الحجر على المعلومة، واسترجاعها بأي ثمن إذا تطلب الأمر، من خلال التهديد والوعيد للمحرر بعدم النشر. من خلال خبرتي المحدودة والقصيرة في المجال الصحافي تمكنت من التعرف على الكثير من الشخصيات المهمة والمهمشة في المملكة حتى وصلت إلى الطبقة المعدمة والسلبية، وبإمكاني اثر ذلك أن أحدد أنواع المصادر، وهي من وجهة نظري الشخصية على النحو الآتي:
أولاً، مصدر سلبي: هذا النوع من الأشخاص (خويف)، ولا يمكنه مواجهة الحقائق، ورأسه دوماً مدفون أسفل طاولة مكتبه، صراخه يتصاعد على موظفيه ولكنه أبكم عندما يرى أي صحافي أمامه، فهو يعتقد أن الأخير عدو له وسيضعه في موقف يزعزع كرسيه من قبل مسئوليه، لذلك فهو يفضل البقاء خلف الستار، وان تحدث يطلب إزالة اسمه.
ثانياً، مصدر متردد: بالنسبة لهذا النوع من المصادر أنت بحاجة إلى أن تجذبه بكل الوسائل والطرق والاستمالات حتى يستجيب لك ويجيب على أسئلتك، وهنا ليس عليك سوى التلويح بنشر صورته في الصفحة الأولى وبالبنط العريض، حتى يتشجع على الإفصاح بالمعلومة، فهو إنسان تعلم على أن يدفع به ليتحرك.
ثالثاً، مصدر مميز: هذا النوع هو من أخطر أنواع المصادر، لأنه لا يجيب على الهاتف إذا اتصل محرر صحيفة معينة سواء من هاتفه الشخصي أو هاتف العمل أو حتى الهاتف العمومي المركون في إحدى زوايا الطريق، ولكن عندما يتلقى اتصالاً من صحيفته المميزة التي لا تتقاذفه بنيران انتقاداتها يكون قد تسمر وتفجر في مكانه من فرط السعادة، فترى قلبه يسبقه قبل إصبعه للرد على استفساراتها.
رابعاً، مصدر طائفي: وما أكثر هذا النوع من المصادر الذين تحركهم نزعاتهم العنصرية والطائفية نحو الصحيفة التي يغلب على كادرها الوظيفي صنف محدد، وبإمكان أي قارئ أن يلاحظ أن أخبار هذا المصدر مقتصرة على صحيفة بعينها دون غيرها، كما لو أن شعب البحرين بأسره لا يقرأ سوى وسيلة مطبوعة واحدة.
خامساً، مصدر مزاجي: يتعرض المحرر مع مصدر كهذا لشتى صنوف العذاب، فعندما يحين الوقت ليوضح نقطة ما تهم شريحة كبيرة من المواطنين، لا يرد على هاتفه لأنه محول على مكتبه لتحليل راتب سكرتيرته التي جوابها واحد وليس لها الاستعانة بصديق، وهو «فلان يعتذر عن تلقي أي اتصال حالياً لأنه مشغول باجتماع طارئ»، وفي حال عدم وجود أي طارئ يجيب على الهاتف بسهولة، لأنه يعرف متى يتحرك لسانه ومتى يتحرك لسان سكرتيرته
إقرأ أيضا لـ "أحمد الصفار"العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ