من المستبعد أن يكون السودان متورطا في الأزمة الحالية التي تواجهها تشاد كما زعم الرئيس التشادي ادريس ديبي الذي أخذ يهاجم الرئيس عمر البشير بشدة ووصفه بالخائن في إشارة ربما للبروتوكول الموقع بينهم في العاصمة الليبية (طرابلس) والذي لم يجف مداده بعد.
وفي الواقع ليس هناك مصلحة لنظام البشير في قلب نظام ديبي فالأخير قام من قبل بوساطة في صراع دارفور، كما أن المناوئين للرئيس التشادي من قبيلته (الزغاوة) هم في الواقع ضد نظام البشير وقد ضغطوا على ديبي لكي يتدخل لصالح متمردي دارفور الذين ينتمون للقبيلة ذاتها، ولكن رفض الرئيس التشادي وحياده تسببا في شرخ هذه العشيرة وقد حاول المنشقون الإطاحة بنظامه في مايو/ أيار الماضي، هذا من ناحية. ومن ناحية أخرى يواجه ديبي حركة تمرد ثانية تطلق على نفسها «التجمع من أجل الديمقراطية والحرية» تشكلت من قبائل التاما، التي لا تؤمن بالحدود القائمة بين تشاد والسودان في تنقلاتها ما شكل صعوبات للمراقبين الدوليين في تحديد ما إذا كانت حركة التمرد التابعة لها تتلقى دعماً من نظام الخرطوم أم لا؟ولهؤلاء المتمردين أجندتهم القائمة على الخلافات بشأن توزيع العائدات من النفط التشادي وإصلاح الجيش ورغبة ديبي في الترشح لولاية ثالثة عقب تعديله الدستور وربما تفكيره في توريث نجله، إذ إنه يعاني من المرض.
أما فيما يتعلق بتهديد ديبي بطرد اللاجئين السودانيين فهذا في الواقع في مصلحة نظام البشير خصوصاً إذا عاد اللاجئون إلى قراهم في دارفور وباشروا حرفهم السابقة (الزراعة والرعي) بدلاً من الاعتماد على الإغاثة، وهذا طبعاً ما لا تريده أميركا لان هذه الخطوة ستنهي أزمة دارفور ولذلك حذرت واشنطن ديبي منها.
عموماً لا نستبعد تأثير السودان في الشأن التشادي سواء سلباً أو إيجاباً وذلك من منطلق أن جميع الرؤساء الذين تعاقبوا على عرش أنجمينا انطلقوا من العاصمة السودانية ولكن يبقى السؤال ما هي مصلحة البشير في تعكير الأجواء في هذا الوقت الذي توشك فيه مفاوضات أبوجا بشأن دارفور أن تفضي إلى اتفاق سلام؟
إقرأ أيضا لـ "عزوز مقدم"العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ