«ويبدأ اللقاء»، عبارة اعتاد سماعها الكثير ممن يتزامن وجودهم في السيارة مع الفقرة اليومية لأم كلثوم في إحدى الإذاعات ، إذ يبدأ المذيع بالعبارة حديثه مقدما بعض المعلومات عن الأغنية التي سيتم بثها بعد المقدمة. ولشدة ما هي عبارة مميزة فإنني أكاد اسمعها كلما مددت يدي إلى لوحة المفاتيح باحثا عن الأفكار التي سأكتب منها موضوعي، إلا أنها تتغير إلى بعض التعابير من الوزن نفسه مع اختلاف أنها تكون على غرار، «ويبدأ الصراع»، «وتبدأ المصائب»، «وتبدأ البلاوي»!
ليست هذه الانفعالات سوى انعكاس لعملية بحثي الأسبوعي عن القضية الأفضل للطرح، والتي تأتي في النهاية بجداول دراسية غير مناسبة، مناهج قديمة، أساتذة دون المستوى المطلوب، امتحانات عسيرة على الحل، صيفي، إعفاء وما إلى ذلك من الأمثلة التي اعتاد الطلبة على تبادلها ومناقشتها كلما تجالسوا وهم يندبون ويلات التعليم الجامعي ومصائبه التي حلت عليهم. إلا أن مناسبة قرب الامتحانات تجعل المواضيع المتاحة أكثر حصرا، ومن ذلك المنطلق فإننا سنستذكر بعضا من الهموم «الامتحاناتية» علّ إخواننا الطلبة يبتسمون تلك الإبتسامة البائسة وهم في غمرتهم بين كتبهم يستذكرون استعدادا للامتحانات.
المشهد الأول: طالب منتفخ العينين، يتثاءب جاذبا نفسا عميقا بفمه معربا عن رغبته الشديدة في التغطي والنوم، وبجانبه كوب من القهوة يرى فيه المسلي الوحيد في تلك السهرة المتعبة، ووسيلة لكي يحصل على المزيد من التركيز عله يستطيع أن يستوعب المزيد من المعلومات قبل أن يحين وقت الامتحان في الساعة الثامنة صباحا في مبنى 18 بالصخير.
المشهد الثاني: مجموعة من الطلبة يتجمعون أمام المبنى السابق ذكره وكأنما هو يوم القيامة، لا أم تدري عن ولدها ولا الولد يدري شيئا عن أمه. الوجوه مكفهرة، والجميع يبحثون عن إشارة واحدة كي يهبوا غضبا فيمن تسول له نفسه في هذا الصباح المشئوم أن يبتسم أو يوجه سلاما أو أن يرتكب الجرم الأكبر بإلقاء نكتة أو تعليق!
المشهد الثالث: طلاب ينظر كل منهم إلى الآخر ثم ينظرون للأوراق التي أمامهم، وفوقهم علامات تعجب واستفهام كثيرة عن مضمون الامتحان وكيفية حله، ولا مجيب لهذا التساؤل سوى الصمت التام وكعب المراقبة العبوسة «يطقطق».
المشهد الرابع: حال وجوم تامة تطبق على الصف، والمكيف أصبح أكثر برودة هذا اليوم بالذات لأن الأعصاب المشدودة جعلت من أجساد الطلبة تغلي. تنادي الدكتورة بالأسماء، يقوم طالب أو طالبة كل مرة لتسلم الورقة، ويعود صامتا إلى مكانه، حتى يحين دورك، فتقوم وتمد يدك المرتجفة، لتجد ما يعلم الجميع به من وجهك من دون أن تسعى لمزيد من الشرح بشأن ما بذلته من جهد، وما حصدته من درجات
إقرأ أيضا لـ "علي نجيب"العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ