نختتم حديثنا اليوم حول قراءتنا لتقرير «ستآندرد آند بورز» بالتركيز على الجوانب السلبية للاقتصاد البحريني كما جاء في الدارسة. تتمثل هذه المخاوف من حدوث تراجع في عملية الإصلاحات لعدة أسباب منها انعكاسات المشكلات السياسية في المنطقة فضلا عن الأهمية النسبية الكبيرة للقطاع النفطي في المالية العامة.
التخوف من تراجع الإصلاحات
أبدى التقرير تخوفه من تراجع عملية الإصلاحات السياسية والاقتصادية في حال حدوث تدهور في الأوضاع المحلية أو الإقليمية. حقيقة لا يمكن إنكار حدوث تطورات سلبية في الأوضاع المحلية في حال استمرار فشل الحكومة في معالجة التحديات التي تواجه البلاد من قبيل البطالة وتدني الأجور فضلا عن المشكلة الإسكانية. أيضا لابد للحكومة من معالجة التطورات السياسية والأمنية بالحكمة. على سبيل المثال لا يمكن تبرير عدم الوضوح فيما يخص مسألة الانتخابات البلدية والنيابية للعام 2006. أيضا المطلوب من الجهات المسئولة حل القضايا الأمنية بالحكمة (لاحظ تداعيات قضية معتقلي المطار من حرق للإطارات).
أيضا يخشى التقرير على مستقبل عملية الإصلاحات في البحرين في حال حدوث تطورات خطيرة فيما يخص بعض الدول الإقليمية. وطبعا الإشارة هنا إلى كل من الأوضاع الأمنية في العراق وقضية الملف النووي الإيراني. المعروف أن الشعب البحريني يتفاعل مع التطورات في البلدين لعدة أسباب منها انفتاح المجتمع البحريني وميله للسياسة.
خلاصة القول فإن حدوث تطورات سلبية في الدول المجاورة تجعل من المنطقة برمتها بما فيها البحرين غير آمنة وأقل جذبا للاستثمارات الأجنبية. المعروف إن اقتصادنا أصلا بحاجة إلى الاستثمارات الأجنبية المباشرة للمساهمة في حل التحديات الاقتصادية التي تواجه البلاد. بحسب تقرير الاستثمار العالمي المنبثق من مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد) للعام 2005 نجحت البحرين في استقطاب 865 مليون دولار من الاستثمارات الأجنبية المباشرة في العام 2004.
وكان ملفتا تحذير التقرير من التراجع في عملية الإصلاحات، إذ إن من شأن ذلك تسجيل تراجع في الملاءة الممنوحة للبحرين. يذكر أن مؤسسة «ستآندرد آند بورز» حسنت من تطوير التصنيف الائتماني السيادي طويل المدى للعملات الأجنبية من (اي ناقص) إلى (اي). وعلى هذا الأساس ستخسر البحرين الكثير في حال قررت الحكومة التراجع في العملية السياسية (مثل تأخير الانتخابات أو حدوث تهديد للحريات المدنية).
تحسين الهيكلية المالية العامة
من جهة أخرى، ألمحت مؤسسة «ستآندرد آند بورز» إلى المزيد من التحسن في الملاءة المالية الممنوحة للبحرين في حال تطوير بعض الأمور المتعلقة بالمالية العامة. يشار إلى أن التصنيف (اي) لا يعتبر أفضل ملاءة ممكنة، إذ إن هناك (إي زائد).
فالتقرير غير راضٍ من المساهمة غير الطبيعية للقطاع النفطي في إيرادات الموازنة العامة الأمر الذي يجعل الاقتصاد البحريني تحت رحمة التطورات في أسواق النفط العالمية. بخصوص السنة المالية 2006، تتوقع الحكومة أن تبلغ الإيرادات 1275 مليون دينار منها 896 مليون دينار على شكل دخل نفطي. وعلى هذا الأساس فإن الدخل النفطي سيشكل 70 في المئة من مجموع الإيرادات ما يعني أن اقتصادنا الوطني لايزال أسيرا للتطورات في السوق النفطية.
أيضا أبدى التقرير امتعاضه من وجود مصروفات خارج إطار الموازنة العامة. ورأى أن وجود مصروفات خارج الموازنة أمرا متناقضا مع مبدأ الشفافية الأمر الذي يقلل من صدقية المالية العامة للبلاد. بدورنا نشدد على عدم السماح لحدوث أية مصروفات خارج الموازنة العامة حفاظا على السمعة الاقتصادية لمملكة البحرين
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ