المعلومات هي القوة، والقوة المعلوماتية يحتاجها المجتمع لكي يتمكن ديمقراطيا من شئونه، ولذلك فانه لا توجد ديمقراطية حقيقية الا اذا كان هناك تدفق للمعلومات، وهذا التدفق يتحول الى حق لكل مواطن يستطيع من خلاله تطوير خياراته الحياتية وانتهاج ما يصلح حاله ومجتمعه. وبمعنى آخر فإنه يمكن قياس قوة التوجه الديمقراطي في هذا البلد أو ذاك من خلال التعرف على التدفق المعلوماتي.
وعلى أساس ذلك تسعى الكثير من البلدان المتقدمة الى اصدار تشريع يضمن تدفق المعلومات، بحيث يستطيع أي مواطن، من دون تفريق أو تمييز، ان يحصل على كل ما يحتاجه من معلومات تتصل مباشرة بحياته اليومية. ويستثنى من ذلك التدفق ما يرتبط بالأمن الوطني الذي يمس استقرار النظام، وهذا الإطار منحصر في جانب ضيق من المعلومات التي يمكن الاقتناع بانها سرية وليست للاطلاع العام. اما اكثرية المعلومات فيجب ان تكون حرة ومتدفقة ومتوافرة من دون قيود أو تعقيدات اجرائية. بل ان كثيرا من البلدان توفر حاليا نحو 90 في المئة مما يحتاجه المواطن على الانترنت بحيث لا يحتاج حتى الى اجراءات أو جهود مضنية لكي يتعامل مع شأنه الشخصي أو الشأن العام.
على العكس من الدول الديمقراطية، فان هناك الدول الدكتاتورية التي تعتبر المعلومات جميعها امراً خاصاً بالدولة، والمجتمع محروم منها، بل وتتم معاقبة من يجرؤ على الاستفسار عن معلومة تخصه أو تخص مجتمعه. وعليه، فان المجتمعات التي تسعى الى التنقل الى الديمقراطية تبرمج نفسها لكي تنفتح بصورة مؤسسية على المواطنين، ولكي تضمن تدفق المعلومات بشكل سهل ومتواصل ودقيق، ومن دون لف أو دوران.
واذا راجعنا ما يجري في البحرين فان المرء يحتار وهو يبحث عن معلومة بسيطة جدا، مثل عدد الناخبين في هذه المنطقة، أو مسميات المناطق وخريطة هذه الدائرة الانتخابية أو تلك، أو التفاصيل المهمة التي يحتاجها أي نشاط اجتماعي أو سياسي، أو أي مستثمر اقتصادي.
المسئولون في الدولة بحاجة الى أن ينفتحوا على المجتمع، وبحاجة الى أن يعتمدوا خطة استراتيجية لضمان تدفق المعلومات لجميع المواطنين، والبرلمان تقع عليه مسئولية إزالة التعقيدات القانونية، بل واصدار قانون يضمن المعلومات للمواطنين... فهذا هو النهج المتبع بهدف تمكين المجتمعات من شئونهم الخاصة والعامة، وهو الطريق السليم لتحديد الرؤى الاستراتيجية، وهو المجال المشترك بين الجميع بحيث نعلم جميعا باننا نتحدث عن قضايا ذات معالم محددة بمعلومات دقيقة، ومن خلال ذلك يمكن للجميع ان يغلبوا الحقائق على الاشاعات التي تعشعش في المجتمعات التي يتم تجويعها من المعلومات.
لا مجال أمامنا إلا أن ننتهج مقاربة أكثر قربا من البيئة المنفتحة التي يدعو اليها جلالة الملك في كل احاديثه، وعلى المعنيين بالأمر ان يعلموا بان اخفاءهم للمعلومات لم يعد ينفع في عصر المعلومات، وهناك البدائل، وهناك أيضاً المخاطر التي تأتي من هذه البدائل التي قد تدفع بمعلومات غير دقيقة، واللوم حينها لا يقع إلا على الجانب الرسمي الذي يحرم المواطن من تدفق المعلومات
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1319 - الأحد 16 أبريل 2006م الموافق 17 ربيع الاول 1427هـ