العدد 1316 - الخميس 13 أبريل 2006م الموافق 14 ربيع الاول 1427هـ

مصارف الإنترنت 1

عبيدلي العبيدلي Ubaydli.Alubaydli [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ما أن تخطر على بال أي منا فكرة إجراء معاملة مصرفية، بغض النظر عن حجمها المالي أو أهميتها التجارية، حتى تنتابه المخاوف من الاصطفاف في طوابير الانتظار متحينا دوره لإنجاز المعاملة. الأمور تزداد سوءا عندما يكتشف المرء أنه بعد ان نجح في الوصول إلى شباك المعاملة أنه، ولسبب خارج عن إرادته، قد نسي إحضار وثيقة معينة كجواز السفر، أو استحضار معلومة هامشية مثل عنوان ما، أو فشله في الإجابة على سؤال غير متوقع من موظف المصرف الذي يتعامل معه، الأمر الذي يضطره إلى العودة إلى المنزل أو المكتب ثم الرجوع مرة أخرى إلى المصرف والإصطفاف من جديد في ذيل طابور لم يكن موجودا عند مغادرته لجلب ما نساه.

اليوم بات في وسعك وضع حد لمثل هذه المنغصات وأخرى غيرها بالتحول إلى الاستفادة مما أصبح معروفا باسم مصارف الخط المباشر (Online Banking) أو مصارف الإنترنت (Internet Banking)، التي تبيح للزبون القيام بعملياته المصرفية كافة من دون أن يغادر منزله، وعبر حاسوبه الشخصي، وفي أي وقت يشاءه. يتم ذلك بكلفة أقل، وبكفاءة أعلى، وبرضا أفضل لدى طرفي المعاملة: المصارف والزبون.

ويكشف مسح ميداني قامت به شركة بيو (Pew) وهي شركة أميركية رائدة في دراسات الأسواق، أن 13 مليون أميركي يستخدمون إحدى خدمات مصارف الانترنت في أي يوم عادي من ايام السنة، وهو ما يشكل قفزة نسبتها 58 في المئة عما كانت عليه الحال في العام 2002. ويرد في المسح أيضا، إن هناك 53 مليون شخص، أوما معدله 44 في المئة من مستخدمي الإنترنت و25 في المئة من الراشدين منهم أكدوا انهم يستخدمون الخدمات المصرفية عبر الإنترنت.

ويترافق هذا النمو في الخدمات المصرفية عبر الانترنت مع زيادة انتشار خدمات الانترنت بموجة واسعة النطاق من جهة، وازدياد عدد مستخدمي الانترنت بشكل عام في العالم من جهة ثانية. هذا ما يؤكده تصريح أحد مديري بيو سوسانه فوكس.

ومن نتائج ذلك المسح أن 63 في المئة من المستخدمين الأفراد المتصلين بالانترنت عبر موجات واسعة قد مارسوا بشكل أو بآخر مصارف الانترنت، مقارنة مع 32 في المئة فقط من أولئك الذين يستخدمون الاتصال العادي (Dial Up)، كما أن نسبة الرجال كانت أعلى من النساء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى مستوى الدخل إذ تجاوزت نسبة الذين يزيد دخلهم السنوي على 75 ألف دولار أميركي، أولئك الذين هم دون ذلك.

كما لاحظت فوكس أن الذين تحولوا نحو استخدام مصارف الانترنت هم أولئك الذين قاموا بإجراء بعض التحويلات عبر الانترنت سواء كان ذلك في صورة التبضع أو الدخول في مزادات.

على الضفة الأخرى، شعر المصرفيون أنفسهم بمزايا وفوائد مصارف الانترنت، ومن ثم أصبحوا أكثر اندفاعا نحو تشجيع زبائنهم للتحول نحو تلك الخدمات. وكانت تلك من النتائج التي رصدها تقرير بيو الذي ذهب إلى القول إن »زبائن مصارف الانترنت والخدمات المترافقة معها أكثر فائدة وجدوى من مستخدمي الخدمات المصرفية التقليدية... فهم أقل استخداما للهاتف للحصول على المعلومات او الخدمات، وأقل احتمالا للتحول من مصرف إلى آخر«.

وتشهد ظاهرة مصارف الانترنت ازدهارا ملموسا، يترافق معه نمو زبائنها الذين بات عددهم يربو، في الولايات المتحدة وحدها، على 40 مليون خلال الربع الأول من هذا العام، بزيادة تصل نسبتها إلى 27 في المئة مقارنة مع الفترة ذاتها من العام الماضي. كما تنامى أيضا استخدام الدفع الإلكتروني بنسبة 36 في المئة خلال الفترة ذاتها. كما ورد في تقرير آخر مستقل عن تقرير بيو صدر عن شركة كوم سكور للشبكات (ComScore Networks). وهي شركة أميركية رائدة في دراسة قياس اتجاهات الأسواق وتحليل ميول الشراة والمستهلكين.

ويقول سارج ماتا، مدير كوم سكور لحلول الخدمات المالية »سيواصل الحرفاء هجرتهم (من الاستفادة من الخدمات المصرفية التقليدية) نحو القطاع المصرفي على شبكة الانترنت، وذلك من خلال استقطاب أكبر مصارف الولايات المتحدة التي ستقدم خدماتها لأكثر من 8 ملايين زبون جديد سيلجون القطاع المصرفي عبر شبكة الانترنت سنة 2005. ولكنه (ألمح إلى أنه) في الوقت نفسه أيضا سنشهد تباطؤاً لنسب الاعتماد. ففي الربع الأخير من سنة 2005، ارتفع إجمالي عدد حرفاء القطاع المصرفي على شبكة الانترنت بنسبة 3,1 في المئة بالمقارنة بالربع الذي سبقه، وهو ما يمثل أقل نسبة نمو متتالية سجلت خلال ربع سنة منذ ثلاث سنوات«.

نمو متواصل في مسألة دفع الفواتير عبر شبكة الانترنت تواصل ظاهرة دفع الفواتير عبر شبكة الانترنت، والتي تتمثل في الدفع عبر المصارف التجارية، نموها بوتيرة سريعة. وهي تمثل حاليا نسبة الربع تقريبا من إجمالي مدفوعات الفواتير عبر شبكة الانترنت. ويحتل مصرف أميركا Bank of America موقع الصدارة في صناعة دفع الفواتير عبر شبكة الانترنت. ففي الربع الأخير من سنة 2005 شملت خدماته نحو 5,1 ملايين مستهلك من الزبائن النشطين في تسديد الفواتير. وهو بهذا العدد يستقطب أكثر من نصف إجمالي زبائن المصرف الذين يسددون فواتيرهم عبر قنواته المختلفة بالإضافة إلى ذلك يستحوذ المصرف على 34 في المئة من إجمالي زبائن القطاع المصرفي عبرشبكة الانترنت في الولايات المتحدة.

هذه الأرقام تشير إلى أن هذا السلوك لم يعد مقتصرا على الصفوة بقدر ما أصبح ظاهرة منتشرة في صفوف الطبقة المتوسطة بما فيها تلك الشريحة السفلى منها.

دوافع اللجوء إلى مصارف الانترنت

بينما كانت سهولة الاستخدام والملاءمة من أهم دوافع انحياز الكثير نحو الخدمات المالية، ومن بينها المصرفية، عبر الإنترنت. أما اليوم فهناك الحوافز الكثيرة الأخرى التي تقدمها المصارف لزبائنها كي تشجعهم على استخدام خدماتها عبر الخط المباشر (Online Services). كما ان تقلص المخاوف الأمنية وتراجعها بفضل التطور في أجهزة ومعدات، ناهيك عن برمجيات، أمن العمليات وسريتها، كانت من أهم الدوافع التي حثت الزبائن على التحول نحو تلك الخدمات المباشرة.

يعزز من كل ذلك قدرة الزبون على التنقل بين حساب وآخر في نطاق المصرف ذاته أو إجراء التحويلات من حساب في مصرف إلى حساب آخر في مصرف آخر. كل ذلك يتم من دون الحاجة إلى تدخل العنصر البشري، ناهيك عن تدني الكلفة بسبب التراجع في تعرفات الخدمات التي تقدمها شركات الاتصالات وتطور الخدمات المرتبطة بها.

وعندما استفسرت كوم سكور من مستخدمي تلك الخدمات عن أسباب تحولهم نحو تلك الخدمات، جاءت إجابات 33 في المئة من أولئك الذين كانوا حديثي الاستخدام لها أن منتجات القطاع المصرفي المجانية المقدمة كحافز لهم كانت وراء ذلك، وقال 23 في المئة إن السبب هو شعورهم بأن القطاع المصرفي عبر شبكة الانترنت أصبح أكثر أمنا وحماية من ذي قبل.

وجلبت الخدمات المصرفية المجانية لتعاونية واشنطن (Washington Mutual) غالبية المنخرطين الجدد (43 في المئة)، ما يؤكد نجاح حملة التدقيق المجانية التي قامت بها.

عززت تلك الاحصاءات والأرقام الثقة في الدعوات المنادية بضرورة التحول من الأشكال التقليدية للخدمات المصرفية نحو الخدمات المباشرة عبر الانترنت. لكن شأنها شأن الخدمات الأخرى من حيث التنوع وكذلك من حيث الميزات والمساوئ، إلى جانب قضايا أخرى. هذا ما ستسلط عليه الضوء الحلقة الثانية من هذا المقال

إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"

العدد 1316 - الخميس 13 أبريل 2006م الموافق 14 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً