العدد 1316 - الخميس 13 أبريل 2006م الموافق 14 ربيع الاول 1427هـ

الجدل القائم بشأن مدى دستورية اللائحة الداخلية لمجلس النواب

«تعقيباً على مقال حسين البحارنة (1)

لولوة صالح العوضي comments [at] alwasatnews.com

تعرض حسين البحارنة في مقاله الذي نشر بصحيفة «الوسط» العدد (261) تحت عنوان «الجدل القائم بشأن مدى دستورية اللائحة الداخلية لمجلس النواب إلى المسائل الآتية:

1) توجه التحالف الرباعي للجمعيات السياسية المعارضة في الطعن في دستورية اللائحة الداخلية لمجلس النواب وهو مايثير السؤال عن مدى دستورية اللائحة الداخلية الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002.

2) وضع مجلس النواب لائحة إجراءات مؤقتة يسير على هديها الى حين إقرار اللائحة الداخلية الجديدة.

3) تفرض المادة 92 من الدستور حظراً على حرية المجلس في التقدم الى الحكومة مباشرة بمشروع قانون يقوم المجلس بوضعه.

4) تنص المادة 140 من اللائحة الداخلية على وجوب الا يكون الاستجواب متعلقا بأمور لا تدخل في اختصاص الوزير المستجوب أو بأعمال أو تصرفات سابقة على توليه الوزارة، وهو ما يخالف نص المادة 65 من الدستور.

5) يجب على المجلس تعديل نص المادة 146 من اللائحة الداخلية التي تحدد حق استجواب الوزير أمام اللجنة المختصة بدلا من مجلس النواب.

6) أن القوانين الصادرة قبل أول انعقاد للمجلس الوطني قد اكتسبت حصانه ضد الطعن أمام المحكمة الدستورية بموجب الفقرة ب من المادة 121 التي نقلت من دستور 1973م بعد تعديل غير موفق - ومن ثم حرمان مجلس النواب من مراجعتها طبقا لنص المادة 38 من الدستور.

7) لا يمكن الطعن في دستورية الفقرة ب من المادة 121 من الدستور أمام المحكمة الدستورية المشكلة والمعين أعضاؤها بأمر ملكي وبعد أن أكدت في أحكامها بشرعية هذه الفقرة.

8) أن الدستور المعدل فرض على الشعب بوسائل غير ديمقراطية وان التشكيلة الحالية للمجلسين لن تسمح بإدخال التعديلات الدستورية المطالب بها شعبيا.

وأتولى الرد على هذه المسائل تباعاً:

المسألة الأولى: أن المادة 18 من قانون إنشاء المحكمة الدستورية الصادر بالمرسوم بقانون رقم 27 لسنة 2002م، قاطعة في دلالتها على أن النصوص التشريعية التي يتصل الطعن عليها بالمحكمة الدستورية هي تلك التي تطرح عليها بعد دفع بعدم دستوريتها يبديه خصم أمام محكمة الموضوع العسكرية - المدنية - الجزائية - الشرعية - وتقدر هي جديته وتأذن لمن ابداه برفع الدعوى الدستورية، أو إثر إحالة الأوراق مباشرة الي المحكمة الدستورية من محكمة الموضوع لقيام دلائل تثير شبهة مخالفة تلك النصوص لأحكام الدستور.

ولم يجز المشرع بالتالي الدعوى الأصلية سبيلا للطعن بعدم دستورية النصوص التشريعية عدا مجلس النواب ومجلس الشورى ومجلس الوزراء - فهؤلاء الثلاثة بإمكانهم الطعن على أي نص قانوني - بشرط أن يكون قائماً ونافذاً - بطريق الدعوى الأصلية.

وواضح أن التحالف الرباعي لا يملك أن يدفع بعدم دستورية اللائحة الداخلية لمجلس النواب بطريق الدعوى الأصلية المقررة - لمجلس النواب - وإذا ما أقام دعوى أمام محكمة الموضوع - أيا كانت الطلبات فيها - كانت غير مقبولة لانتفاء المصلحة فأعضاء التحالف ليسوا أعضاء في مجلس النواب ولو فرض وأصبحوا أعضاء فليس أمامهم سوى سبيل الدعوى الأصلية بشرط صدور قرار من المجلس النيابي بالأغلبية العادية للأعضاء الحاضرين تطبيقاً للقواعد العامة مادام أن القانون لم ينص على اشتراط غالبية معينه في هذه الحالة.

أما السؤال عن مدى دستورية اللائحة الداخلية لمجلس النواب. باعتبار أن المجلس الحالي لم يضعها فان المادة 94 من الدستور المعدل او المادة (77) مـــن دستور 1973 لم تشترط وجوب صدور هذه اللائحة - القانون - التي تنظم سير العمل بالمجلس ولجانه من المجلس نفسه فيجوز أن يضعها هذا المجلس ويجوز أن يضعها مجلس سابق ويجوز أن تضعها السلطة التشريعية الفعلية القائمة قبل اجتماع المجلس الحالي.

وقد حصنت المادة 121/ب من الدستور القوانين والمراسيم بقوانين الصادرة قبل أول اجتماع للمجلس الوطني - من حيث طريقة إصدار هذه القوانين والمراسيم أي من حيث الشكل - أما من حيث الموضوع فلم تحصنها شأنها في ذلك شأن باقي القوانين الصادرة عن المجلس الوطني الحالي أو السابق. وعلى ذلك لا يجوز الطعن على اللائحة الداخلية لمجلس النواب الصادرة بالمرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002، بعدم الدستورية من حيث طريقة إصدارها ولكن يجوز الطعن دستوريا على نصوصها إذا كانت مخالفة للدستور.

المسألة الثانية: إمكان وضع مجلس النواب لائحة مؤقتة لسير العمل حتى وضـع لائحة جديدة فهذا غير جائز دستوريا مادام أن المرسوم بقانون رقم 54 لسنة 2002 لم يلغ أو يعدل فهو صحيح ونافذ حتى تصديق جلالة الملك على قانون إلغائه او تعديله وحتى يتم هذا التصديق يجب على المجلس التزام هذا القانون (اللائحة) فإذا ما علقها او نحاها كان هذا تطبيقا نموذجياً لما يعرف في الفقه الدستوري بالاستبداد التشريعي- أي استبداد السلطة التشريعية وهو احد مظاهر الخروج على الديمقراطية.

- أن وضع لائحة مؤقتة أمر جائز إذا لم تكن هناك لائحة قائمة صحيحة ونافذة حتى تلغى او تعدل.

المسألة الثالثة: وهي عدم دستورية المادة 92 من الدستور بشأن إحالة اقتراح القوانين الي الحكومة لوضعه في صوغ مشروع قانون فهذا أولاً وقبل كل شيء نص ورد في الدستور فلا يجوز الطعن بعدم دستوريته وهو نص ورد في دساتير أخرى إذ ليس ببدعة أو وقفاً على دستور البحرين وغايته ضمان حسن صوغ نصوص القانون، وهو نص علاجه ميسور، فإذا ما أدخلت الحكومة تعديلات على الاقتراح فللمجلس إسقاط هذه التعديلات بالتصويت عليها ومن يملك الكل يملك الجزء.

المسألة الرابعة: اما عن اشتراط المادة 145/2 من اللائحة الداخلية عدم استجواب الوزير عن تصرفات سابقة على توليه الوزارة وان هذا النص يخالف من ثم المادة 65 من الدستور التي لم تضع هذا الشرط فمردود عليه بان الفقرة الأخيرة من المادة 65 من الدستور تنص على انه» يجوز أن يؤدي الاستجواب إلى طرح موضوع الثقة بالوزير على مجلس النواب وفقا لأحكام المادة 66 من هذا الدستور».

وهذا معناه أن الاستجواب قد يؤدي إلى مسئولية الوزير المستجوب عن أعمال وزارته ويقول الفقه الدستوري إن هذه المسئولية في هذه الحالة مسئولية فردية تتحقق إذا كان الأمر الموجب للمساءلة يتعلق بتصرف وزير معين (حالي) في نطاق الاختصاصات المخولة له في وزارته وإذا كانت مسئولية الوزير المستجوب فردية فلا يجوز أن يسأل عن تصرفات سابقة على توليه الوزارة وهذا القول يتفق مع الآية القرآنية «ولا تزر وازرة وزر أخرى»

فهذا الشرط إذاً جاء بالتطبيق لنص الفقرة الأخيرة من المادة 65 من الدستور المعدل المطابق لنص المادة (68) من دستور 1973م.

وإذا كانت الحكومة قد أجرت تعديلاً وزارياً تضمن نقل وزير الي وزارة أخرى حتى لا يستجوب الوزير الذي حل محله عن الأعمال السابقة للوزير المنقول فان علاج ذلك هو تطبيق نص المادة (65) من الدستور والتي تنص على انه « يحق لمجلس النواب في كل وقت أن يؤلف لجان تحقيق او يندب عضواً أو أكثر من أعضائه للتحقيق في أي أمر من الأمور الداخلة في اختصاصات المجلس المبينة في الدستور، على أن تقدم اللجنة أو العضو نتيجة التحقيق خلال مدة لا تتجاوز 4 أشهر من تاريخ بدء التحقيق ويجب على الوزراء وجميع موظفي الدولة تقديم الشهادات والوثائق والبيانات التي تطلب منهم».

وطبقاً لهذا النص يستطيع المجلس عن طريق اللجان التي يشكلها لتقصى الحقائق أن يكشف عن الخلل الذي قد يكون بإحدى الجهات الإدارية أو التنفيذية فيستطيع مراقبة عمل السلطة التنفيذية ويكون للجان المذكورة ما للجان التحقيق القضائية من سلطات.

المسألة الخامسة: أما بخصوص استجواب الوزير أمام مجلس النواب وليس اللجنة الخاصة.

فمن المقرر أن النصوص الدستورية التي دل المشرع بعموم عبارتها على انتفاء تخصيصها إنما تحمل على اتساعها لكل ما يندرج تحت مفهومها وواضح أن نص المادة 65 من الدستور لم تحدد مكان إجراء الاستجواب هل هو المجلس أم أحد لجانه؟ ومن ثم يتسع النص لإجراء الاستجواب أمام اللجنة الخاصة مادام أن الأعضاء المؤيدين للاستجواب والمعارضين له لهم حق التحدث أمام اللجنة ومادام أن اللجنة ترفع تقريرها للعرض على المجلس بشأن الاقتراحات التي توصلت لها في الاستجواب ومادام أن المجلس يتولى مناقشتها.

ولكن لما كان الاستجواب من أهم أدوات الرقابة الفعالة التي يملكها مجلس النواب تجاه أعمال الحكومة ويقصد به محاسبة الوزراء على الأمور التي تدخل في اختصاصهم وقد ينتهي إلى تحريك المسئولية الوزارية فلذلك أرى أن تجرى المناقشة في الاستجواب أمام المجلس نفسه حتى تتحقق الغاية منه ويشعر الوزير بأهمية الاستجواب وأنه يعني المحاسبة والاتهام في الوقت نفسه.

هذا وقد صوت مجلس النواب على تعديل اللائحة الداخلية بإجراء المناقشة في الاستجواب أمام المجلس نفسه ثم حملت الأخبار رغبة عدد من النواب في إعادة التصويت لإجراء الاستجواب أمام اللجنة الخاصة، والصحيح عندي وكما ذكرت هو أن يعدل النص بإجراء الاستجواب أمام المجلس كأصل عام ما لم يصوت المجلس بالغالبية العددية ولاعتبارات معينة على إجراء الاستجواب أمام اللجنة الخاصة. ومادام أن المجلس قد صوت على التعديل فلم تعد هناك حاجة في لجوء المجلس إلى المحكمــة الدستورية - بطريق الدعوى الأصلية - لإلغاء النص الوارد باللائحة الداخلية بإجراء الاستجواب أمام اللجنة الخاصة مظنة مخالفة نص المادة 65 من الدستور

إقرأ أيضا لـ "لولوة صالح العوضي"

العدد 1316 - الخميس 13 أبريل 2006م الموافق 14 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً