في الديمقراطيات العريقة، يمتنع الصحافيون عن الترشح في الانتخابات، إلا فيما ندر، بناء على قناعة تامة بإمكان استخدام أقلامهم للدعاية الانتخابية، أو للفوز في الانتخابات. ولكن في بلداننا حديثة العهد بالديمقراطية، لا يتم الاهتمام بهذا التفصيل كثيراً، فمن حق أصحاب المهن أن يترشحوا، أياً كانت مهنتهم، ولا يوجد أي قانون أو عرف ليضبط هذه العملية!
بالأمس التقيت مع بعض الزملاء الصحافيين بمرشح محتمل، طالب بدعم «صريح» من الصحافيين له أثناء الانتخابات المقبلة من باب «الزمالة المهنية»، لأنه كتب عددا من المقالات التي «أهلته» لأن يطلق على نفسه «صحافي»، في بلد يمكن أن يمتهن أي شخص فيه الصحافة لو شاء. لا يفكر الصحافيون، أو كتاب الأعمدة بالاستغناء عن فرصتهم لعرض أفكارهم عبر صحفهم، فالانتخابات موسم، يمكن أن يستغل أي شخص فيه مهنته للدعاية، وأئمة المساجد على رأس القائمة، ويمكن للمدرس أن يجند طلبته، والمدير أن يجند موظفيه، والطبيب أن يجند مرضاه، وكل هذا على سبيل المثال طبعاً، ولا يوجد مقياس حقيقي وواضح لما يعتبر استغلالاً للمنصب. ولا تبقى إلا الوعود التي يطلقها المرشحون، فلن يخطب أئمة المساجد دعماً لمرشح دون آخر، ولن يستفيد الكاتب الصحافي من موقعه لدعم نفسه، أو غيره في الانتخابات. وكلها وعود وشعارات، لا نجرمها، ولكننا نعرف أن لا ضابط لها ولا رقيب، غير النفس البشرية، وإن النفس لأمارة بالسوء
إقرأ أيضا لـ "ندى الوادي"العدد 1315 - الأربعاء 12 أبريل 2006م الموافق 13 ربيع الاول 1427هـ