العدد 1315 - الأربعاء 12 أبريل 2006م الموافق 13 ربيع الاول 1427هـ

البحرينيون «متهمون» يا سعادة السفير

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

في الوقت الذي شاهد العالم كله الرئيس المصري يتكلم عن ملايين المواطنين العرب بطريقةٍ استعراضية، كلها استخفافٌ واستهانةٌ بكرامة الشعوب الخليجية، لمجرد انهم «شيعة»، خرجت «الأهرام» للدفاع عن سيادته، عبر مانشيت عريض كالعادة: «انهم لم يفهموا ما يقصده الرئيس»! فكيف للرعاع أن يفهموا لغة الرئيس الدبلوماسية الراقية! فالعتب على الأغبياء الذين لا يفهمون لغة الرؤساء الحكماء! (ماعدا نائبٌ عبقريٌ واحدٌ في البحرين فهمها على الطاير!).

هؤلاء لم يفهموا لغة الريّس، ربما لأنهم من المهاجرين الجدد للمنطقة مع الطفرة النفطية! والـ 65 في المئة ربما لم يستقروا في العراق منذ الفتح الإسلامي الأول، إنما قد يكونون من قبائل الترك والدَيْلم والزُطّ! هؤلاء الـ 65 في المئة ليسوا من القبائل القحطانية التي «عرّبت» العراق إلى الأبد، بعد أن كان محميةً فارسيةً، يجلد فيها جنود كسرى حكامَها المحليين بالسوط عندما يتجرأ أحدُهُم على التقاطِ تمرةٍ من أرض السواد.

لم يكن متوقعاً من «الأهرام» غير الدفاع عن الرئيس، ولم يكن متوقعاً أيضاً من السفير المصري غير الدفاع بالطريقة نفسها: «ان شيعة البحرين غير معنيين بتصريحات مبارك التي أسيء فهمها، وحُمّلت أكثر مما تحتمل، فالرئيس تناول تطورات الوضع في العراق»! يقول السفير ذلك، مع أن عبارات الرئيس مسجّلةٌ بالحرف الواحد، وبالأخطاء الإملائية نفسها! فالرئيس لم يتكلم عن العراق إنما عمّم نظريةً «طائفيةً» خطيرةً وأرسلها إرسال المسلمات: «هناك شيعةٌ في كل هذه الدول وبنسب كبيرة، والشيعة دائماً ولاؤهم لإيران وليس لدولهم».

خطورة هذه النظرية التحريضية ليس في أنها تصبّ الزيت على النار في العراق فحسب، وإنما تهدّد أيضاً بتصدير الشرر إلى الدول المجاورة، والبحرينيون - سنةً وشيعةً - معنيون بها جداً، على خلاف ما ادعى السفير، فهم من أوائل من سيدفع ثمن هذه التحريضات.

المؤسف حقاً أن التصريحات تكشف عن جهلٍ فاضحٍ بتاريخ المنطقة وتنوعاتها البشرية وخصوصيتها الاجتماعية، وما أدقّ تصوير «القدس العربي» للمقابلة حين قالت: «ولهذا بدا (مبارك) شخصاً قادماً من عالمٍ آخر، كوكبٍ آخر، أثناء حديثه إلى قناة العربية الذي أثار، وما زال، هذه الضجة».

الصحيفة تمّنت لو أن مبارك كان على درجةٍ كبيرةٍ من الشجاعة الأدبية والشخصية، ليعترف في المقابلة نفسها، انه وأقرانه من الزعماء العرب، يتحمّلون مسئولية ما يجري في العراق والمنطقة بأسرها من انهيارٍ كامل، فهم «تآمروا على العراق، وساهموا في تدميره... وأعطوا الولايات المتحدة صكاً شرعياً يبرّر تدخلها العسكري في المنطقة، وإلقاء مئات آلاف الأطنان من القنابل والمتفجرات فوق رؤوس العراقيين».

«القدس العربي» ذهبت أبعد من ذلك في نقدها اللاذع للسياسات العربية: «فإيران بنت قوتها بينما كان الزعماء العرب منشغلين في كيفية طمس هوية العراق العربية، واستنزافه سياسياً... بما يخدم أهداف واشنطن».

الجمعيات «الأهلية» في البحرين، وإحساساً منها بخطورة هذه التصريحات، بادرت لطلب لقاء السفير المصري، في ظل تقاعس الحكومة عن طلب توضيحٍ لهذه التصريحات أو التعليق عليها، كما حصل في الكويت، وخصوصاً أنها تسيء إلى نسبة أكبر من شعبها. وكم تمنينا لو كان السفير المصري ديمقراطياً، واتسع صدره لسماع صوت البحرينيين، فهؤلاء خلاصة النخبة السياسية في البلد، ليسوا مهاجرين جدداً وراء النفط، وليسوا رعاعاً لا يفهمون تصريحات الرؤساء الحكماء، وإنما هم «متهمون» في وطنيتهم يا سعادة السفير

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1315 - الأربعاء 12 أبريل 2006م الموافق 13 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً