حالياً قيد الإنشاء أول محل ابل كمبيوتر يعمل 24 ساعة. ربما هذا الخبر ليس بغريب عندما نعلم بأن موقع المحل هو منهاتن، مدينة يصفها الأميركان بأنها مرتع الغرابة والطرافة. والأمر يزداد غرابةً عندما نتفقد الحركة الاستهلاكية في السنوات الأخيرة، وخصوصاً نموها عبر الانترنت. فاليوم يمكننا التبضع وشراء الكثير من المنتجات أينما كنا وفي أي وقت. ويوماً بعد يوم تزداد ثقة المستهلك باستخدام بطاقات الائتمان عبر المتاجر الإلكترونية، مثل متجر امازون ومتجر أبل الإلكتروني.
هنالك من يقول إن مشروع أبل لفتح أول محل «حقيقي» يعمل ليلاً نهاراً هو مجرد نوع من الإعلان والتسويق، وخصوصاً أن الشركة تتمتع بصفة إحدى أحب الشركات لدى المستهلكين. ربما الأمر هو كذلك، وربما لن يحقق المتجر أرباحاً، بل خسائر تحتسب ضمن مصروفات التسويق. إلا أن المشروع يعطينا صورة للمستقبل.
في الماضي، عندما كنا نسمع كلمة مدار الساعة كنا نفكر بمستشفى، صيدلية أو حتى مركز شرطة. ولكن مع مبادرة بعض أصحاب المتاجر، بدأنا نرى في البحرين المطاعم السريعة والبرادات التي تعمل من دون توقف. فوجد أصحاب هذه المشروعات تقبل المستهلك البحريني والسائح لمثل هذه التسهيلات. ومن دون شك، أدت هذه المشروعات إلى زيادة في التوظيف وحتى الرقي في المعيشة بسبب توافر كل الاحتياجات الغذائية والمنزلية في أي وقت.
لكن من منهاتن إلى البحرين والدول المجاورة مثل الإمارات، هل سيأتي اليوم الذي نرى فيه محلات الإلكترونيات وربما حتى المجمعات بأكملها تعمل على مدار الساعة؟ ببساطة، وبحسب الإحصاءات من النمو الاقتصادي للتزايد السكاني وكثرة الحركة الاقتصادية وتطور تكنولوجيا النقل، الأمر يبدو كذلك. ربما ليس في 10 ولا 20 سنة. لكن في غضون العقود المتوسطة والأخيرة من هذا القرن، ستتغير الساحة الاقتصادية بشكل جذري حتى يكون أمر المحلات «الحقيقية» وحتى المصانع بشتى أنواعها التي تعمل على مدار الساعة أمراً ليس فقط معتاداً عليه، بل ضروري لمواصلة الحركة الاقتصادية العالمية.
بالطبع لدينا الانترنت وما توافره من نقطة اتصال وتسويق ذي مصروفات أقل بكثير من تلك للمحلات التقليدية، لكن كثافة الحركة ليلاً نهاراً ستجعل من توظيف المحلات والمصانع أمراً ميسراً ومعقولاً. فالمدن المهمة في المستقبل حتماً ستكون مدن تعمل طوال الساعة، وربما حتى دوائرها الرسمية (لا خوف لموظفي الحكومة اليوم، فهذا الأمر كما ذكرنا بعيد بعض الشيء)!
في 2050 سيكون عدد سكان الأرض أكثر من 9 مليارات، لهذا من الضروري أن يتقبل ويستوعب الاقتصاد العالمي هذا العدد الهائل من «العملاء». اليوم ومع 6 مليارات نسمة نجد بأن العالم غير قادر على استيعاب كل شخص وجعله يعيش معززاً مكرماً فما بالك في 2050. لكن ربما مع ارتباط العالم، إلكترونياً عبر الانترنت وحقيقةً عبر شبكات النقل السريع، سنتمكن من إدراك حلم عالم واقتصاد واحد متصل، من دون قيود، ومن دون تعقيدات، لأن كل ما يريده المرء هو أن يتبضع أينما شاء ومتى يشاء
العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ