المزايدة على وطنية الشيعة مزايدة غير صحيحة، ولا تخدم الوطن العربي. وخيراً فعل رئيس الوزراء الكويتي عندما ذكر بملء الفم أن الشيعة والسنة في الكويت وقفوا جنباً إلى جنب للدفاع عن الكويت إبان الغزو العراقي، وهذه شهادة نقدرها لسمو رئيس الوزراء الكويتي، وهذا التصريح بلا شك يصب في خدمة المنطقة والخليج جميعاً.
أنا لا أعلم هل نحن بحاجة دائماً إلى إثبات ولائنا لأوطاننا، ولماذا نوضع دائماً في خانة عدم الموالين؟ هذا الأسلوب لا يخدم أي مجتمع وأي وطن، بل يساهم في شطر المجتمعات العربية في وقت نحن بأمسّ الحاجة فيه إلى التلاحم والتحالف سنة وشيعة، ومسلمين ومسيحيين.
دعوا التاريخ يتكلم فهو ينبئ عن المواقف الحقيقية. لو رجعنا إلى كتاب «الأحزاب الإسلامية في الكويت... الشيعة الإخوان السلف» للكاتب سامي ناصر الخالدي، فهو يعزز الموقف ذاته. يقول في ص 124: «ولا ينكر أحد الدور المشرف الذي قام به الاتجاه الإسلامي الشيعي في الكويت أثناء أشهر الاحتلال الصعبة، إذ كان له دور كبير في بناء المقاومة الشعبية في الداخل والمساهمة في التحرير عبر اتباع سياسة رفض المعتدي ومواجهته. وقد برزت بطولات الكثير من أفراده المتمثلة في التضحية من أجل مقاومة المحتل إذ سقط من أبنائها الكثيرون، ولا يستطيع الكويتيون نسيان موقف أحد رجال الأعمال المنتسبين إلى الحركة الإسلامية الشيعية، وهو عبدالوهاب الوزان، الناطق الرسمي باسم الائتلاف الاسلامي الوطني سابقاً، حين فتح خزائن السلع الغذائية لتمويل الصامدين من أهل الكويت على رغم القمع والشراسة التي اتصف بها الجيش المحتل آنذاك».
هذه شهادة تاريخية على المواقف الوطنية لشيعة الكويت في الدفاع عن الوطن.
في البحرين كان للشيعة دور رائد مع إخوتهم من الطائفة السنية الكريمة في الدفاع عن البحرين وعبر مواقف وطنية مشهود بها، منها الموقف الكبير عند الاستقلال، وكذلك الاستفتاء الشعبي على عروبة البحرين وترسيخ الدولة المدنية أيضاً. الموقف الكبير في التصويت على الميثاق، فهل تنسى كل هذه المواقف وتقابل بالتهم؟ كم من فنان كبير ورياضي محترف ومفكر ترافع عن البحرين في الخارج؟ فهل هؤلاء ليس لهم انتماء إلى هذا الوطن؟ كل الأمل ألا تجرنا الساحة العراقية إلى الانقسامات، فالأوطان تبنى بالمواقف الوطنية وليس لأحد التشكيك في وطنية الناس والمجتمع، هذا المجتمع الذي ما فتئ يقدم المواقف تلو المواقف لخدمة الوطن، فلا يبخل بالمال ولا النفس لصالح الوطن، تماماً كما حدث في الكويت إذ وقف الناس جميعاً سنة وشيعة للدفاع عن الوطن في قبال الغزو العراقي.
إن تكريس مبدأ تكافؤ الفرص وترسيخ قيم العدالة يزيدان من وحدة المجتمع ويقربان المجتمع من بعضه بعضاً. والوحدة الوطنية هي خيار مجتمعنا، وفتح قنوات الحوار والتصالح والتواصل ولملمة الجروح لا شك تقرب المسافات، وإعطاء مزيد من الحرية وجرعات الديمقراطية تفتح آفاق التواصل والشراكة المجتمعية والتقارب بين الناس.
إن الوطني الغيور هو من يعمل لصالح وطنه، وهي فضيلة موجودة عند الجميع، ومن الخطأ الكبير تقسيم المجتمعات إلى موالية وغير موالية هكذا بالمطلق. والشعب البحريني مثال من محبي هذا الوطن العزيز، فلا ينبغي أن نزايد على بعضنا بعضاً والوطن كالطير لا يسير إلا بجناحين، وهما الطائفتان الكريمتان في هذا البلد.
ختاماً، لا يسع المرء إلا أن يشكر رئيس وزراء الكويت على هذا الموقف النبيل في ظل هذا الوضع الحرج
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ