العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ

ليسوا في حاجة إلى شهادة تزكية

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

ليس من حقّ حجّاج البيت الأبيض أن يوزّعوا شهادات الوطنية على طوائف المسلمين، وليس من حقّ من يعيش على هبات وصدقات الأميركان أن يتهم المتعففين بتلقي رواتب شهرية من هذه الدولة أو تلك، وليس من حقّ الحكام الذين أضاعوا شرف الأمة العربية وأدخلوها في زمن التيه والضياع، ووقفوا يسترقون وراء الأبواب حفل فضّ بكارتها... ليس من حقّهم أن يصدروا براءات الولاء القومي لصالح هذا الشعب العربي أو ذاك. وآخر من يحقّ لهم الحديث عن الولاء هم المتورّطون حتى شحمة الأذن في مشاريع البيت الأبيض في المنطقة، من حصار الشعب العراقي وتجويعه 12 عاماً إلى «تسهيل» ودعم احتلال العراق.

بالأمس، خرجوا علينا بأقصوصة «الهلال الشيعي»، واليوم بقُصَيْصَةِ «الولاء لإيران»، وكأن الشعوب العربية تنتظر شهادة براءة وإثبات حسن سلوك، ممن يفتقرون إلى شهادة براءة من شعوبهم نفسها أولاً. وكان حرياً بهم أن يحفظوا ما بقي من ماء وجوههم، شباناً كانوا أو شيوخاً، دخلوا سن التقاعد قبل 20 عاماً، وكلما قالت لهم شعوبهم بصريح العبارة: «كفاية» قالوا: «مش كفاية... حد يسيب الكرسي... إلاّ لمّا ينزل عزرائيل».

على أن إثبات ولاء «شيعة الخليج» لأوطانهم، لا يحتمل المماحكات والتلاعب بالألفاظ. فهؤلاء العرب الأقحاح، تاريخهم المشرّف في حفظ استقلال كل دول المنطقة هو أكبر شهادةِ شرفٍ وفخرٍ ومجدٍ يعلّقونها على صدورهم، بدرجة الامتياز، بما يفحم كل جاهلٍ وموتورٍ ومتطفّلٍ على تاريخ وتراث المنطقة.

في العراق، العرب الشيعة تحديداً، هم الذين حموا أرض الرافدين من سياسة «التتريك» طوال 4 قرون من السيطرة العثمانية، هذا إذا اضطررنا إلى الحديث عن القومية والعروبة على عكس قناعاتنا بعد أن أعزّنا اللهُ بالإسلام العظيم. الحوزة العلمية (الشيعية) هي التي تصدّت لمقاومة سياسة التتريك وحفظت اللسان العربي، والشعر العربي، والتراث العربي، والفقه العربي، من الاندثار، بينما التحق آخرون بجيش السلاطين العثمانيين، وذاب لسانهم العربي وأصبحوا يتفاخرون بالرطنة بالتركية، وكانوا «يترفّعون» عن تعليم أبنائهم لغة القرآن المجيد، ويرسلونهم إلى اسطنبول لتلقي شهادات الباب العالي، وبركات السلطان العثماني، حتى أن بعضهم ولي مناصب حكومية رفيعة في العهد الملكي وهو لا يجيد العربية أصلاً.

في البحرين، والحديث هنا اضطراراً، لأن ابن الوطن لا يطالب بشهادة براءةٍ من أيّ متطفلٍ كان، وليس مطلوباً منه إثبات حبّه لوطنه، فالذين حفظوا «عروبة البحرين» عند التصويت في استفتاء الأمم المتحدة التاريخي، هم الذين يتهمهم سيادته اليوم بالولاء لإيران، وهي التهمة التي شاخت وهرمت وخرّفت حتى لم يجد من يصدّقها أو يلوكها غير نائبٍ موتورٍ أو كاتبٍ حقود.

في نهاية الثمانينات، عندما أقدم الطاغية صدام التكريتي على مسح الكويت الشقيق من على الخريطة، هرب الكثيرون، وظلّ الموالون للأرض، الذين يؤمنون بأن «حب الوطن من الإيمان»، فلم يهربوا مع الهاربين، وانما شكلوا المقاومة، وقدموا مئات الضحايا، أسماؤهم مدونة في المتاحف والمعارض، وستبقى خالدة في تاريخ الكويت الشقيق. أما لبنان، فنخجل أن نذكّرهم بمن رفع راية العروبة بعد 50 عاماً من الهزائم العربية الخالدة، بينما علم «إسرائيل» يرفرف على العواصم العربية المقهورة... فـ «كفاية بقى يا بيه»

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً