العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ

تراجع أداء البورصة: بعض الأسباب

جاسم حسين jasim.hussain [at] alwasatnews.com

تشير آخر الإحصاءات المتوافرة إلى تراجع مؤشر البحرين العام بواقع 2,11 في المئة في الربع الأول من العام 2006 مقارنة بالفترة نفسها في العام الماضي. في المقابل ارتفع المؤشر بنسبة قدرها 23,8 في المئة خلال العام 2005 بكامله. والأهم من ذلك، بلغت القيمة السوقية للأسهم المدرجة على سوق البحرين للأوراق المالية تحديدا 6376 مليون دينار في الربع الأول من العام الجاري مقارنة بـ 6546 مليون دينار في نهاية العام 2005. وعليه تراجعت القيمة السوقية بواقع 170 مليون دينار، أي 2,6 في المئة في غضون ثلاثة شهور.

وعلى هذا الأساس لم يكن غريبا قرار مجلس الوزراء الذي صدر قبل أيام، والداعي إلى تشكيل لجنة لدراسة سبل حماية صغار المستثمرين في السوق. بعد هذه المقدمة، لا مناص من مناقشة الأسباب الكامنة وراء هذا التراجع في أداء البورصة. يبدو لنا أن هناك أسبابا هيكلية تفسر تراجع مؤشرات الأداء، وهي: ارتفاع معدلات الفائدة، كثرة الاكتتابات الأولية، تصرفات صغار المستثمرين، تصرفات المستثمرين من رعايا دول مجلس التعاون. تناقش السطور الآتية بشكل مختصر الأسباب الأربعة:

أولاً- ارتفاع معدلات الفائدة: المعروف أن الدينار البحريني مرتبط بالدولار الأميركي، ما يعني استيراد معدلات الفائدة السائدة في الأسواق الأميركية مع المحافظة على هامش ايجابي. بمعنى آخر، إذا كان متوسط سعر الفائدة في أميركا 3 في المئة فإن المطلوب أن يكون معدل الفائدة في البحرين أكثر من 3 في المئة حتى يتسنى استقطاب الأموال.

ولوحظ في الفترة الأخيرة ارتفاع معدلات الفائدة في الأسواق بسبب تطورات وقعت في الولايات المتحدة. ويعود هذا الارتفاع إلى قرار اتخذه البنك الاحتياطي الفيدرالي لرفع معدلات الفائدة في محاولة لمحاربة بعض مظاهر التضخم في الاقتصاد الأميركي، وعليه تشجيع المستهلكين على الاحتفاظ بمزيد من الأموال بدل صرفها. وكرد فعل رأينا استعداد بعض المصارف التجارية في المنطقة لدفع نسبة فائدة تصل إلى حد 5 في المئة للودائع الكبيرة وذات الأمد الطويل. ولم يكن مستغرباً قيام بعض المستثمرين في أسواق المال بتسييل جانب من الأصول التي بحوزتهم وإيداعها في المصارف كجزء من سياسة تنوع الأدوات الاستثمارية.

ثانياً- كثرة الاكتتابات الأولية: أيضا ساهمت ظاهرة الاكتتابات الأولية في قيام بعض المستثمرين باتخاذ قرارات مثل تغيير مكونات محافظهم الاستثمارية الأمر الذي أدى إلى تعزيز حركة البيع والشراء في الأسواق. ونظرا إلى حاجة المستثمرين إلى الحصول على السيولة المطلوبة لشراء الأسهم لوحظ استعداد البعض لبيع الأسهم التي بحوزتهم بأسعار أقل من المعمول. وفي الإطار نفسه، لوحظ أن أسعار بعض الاكتتابات الأولية كانت مرتفعة ومبالغاً فيها إلى أقصى حد ممكن، وخصوصا فيما يتعلق بعلاوة الإصدار. فلاحظنا أن القيمة الاسمية للسهم الواحد لإحدى المؤسسات البحرينية بلغت مئة فلس مقابل 500 فلس علاوة إصدار. أيضا طالبت مؤسسة أخرى بعلاوة إصدار تزيد عشر مرات عن القيمة الاسمية. في المجموع أدت هذه الاكتتابات المتتالية إلى التقليل من حجم السيولة المتوافرة في البورصة. أيضاً قام بعض المستثمرين بالاستثمار في الاكتتابات الأولية التي ظهرت في دول المنطقة وخصوصاً «دانة غاز» في دولة الإمارات العربية المتحدة وبنك «الريان» في دولة قطر، الأمر الذي قلل من حجم السيولة المتوافرة في سوق البحرين للأوراق المالية.

ثالثاً- تصرفات صغار المستثمرين: إضافة إلى ذلك، ساهمت تصرفات بعض صغار المستثمرين في إحداث زوبعة في الأسواق. حقيقة لا يمكن إنكار أهمية العامل النفسي في البورصة وخصوصاً في ظل ظهور الشائعات بشكل مستمر. والمؤكد أن بعض المستثمرين دخل إلى السوق في وقت متأخر نسبيا، ما يعني قيامهم بشراء الأسهم بقيمة مرتفعة نسبيا. وبدا واضحا أن بعض صغار المستثمرين ليس بوسعهم رؤية قيمة استثماراتهم تقل بين ليلة وضحاها من دون أن يحركوا ساكنا. عموماً ليس من الصواب توجيه اللوم إلى المستثمرين، فلكل مستثمر الحق في اتباع السياسة الاستثمارية التي يرغب فيها، بل الصحيح هو أن تكون لكل مستثمر سياسة خاصة يتبعها.

رابعاً- تصرفات المستثمرين الخليجيين: كشفت التجربة عن بعض الجوانب السلبية المتعلقة بسياسة السماح للمستثمرين من دول مجلس التعاون المتاجرة في سوق البحرين للأوراق المالية من دون قيود. وتشير آخر الأرقام المتوافرة إلى ان رعايا دول المجلس شكلوا 31 في المئة من قيمة الأسهم المتداولة في بورصة البحرين في الربع الأول من العام 2006 مقارنة بنحو 28 في المئة في الفترة نفسها من العام 2005. وقام بعض المستثمرين الخليجيين ببيع أسهمهم في البحرين لغرض تغطية حاجاتهم الاستثمارية الأخرى في أسواق المال الأخرى وخصوصاً في أوطانهم.

باختصار، تشكل هذه الأسباب فيما بينها بعض الأسباب الهيكلية وراء تراجع أداء البورصة في الآونة الأخيرة. نواصل نقاشنا غداً (الخميس)، إذ نركز على الخيارات المتاحة أمام الحكومة لمساعدة المستثمرين من جهة وسوق البحرين للأوراق المالية من جهة أخرى

إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"

العدد 1314 - الثلثاء 11 أبريل 2006م الموافق 12 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً