هذه رسالة موجهة إلى الأخت الفاضلة... سعادة الدكتورة وزيرة الصحة... نبلغها فيها أنه يوجد حالياً في المراكز الطبية بدعة جديدة ومبتكرة... وبحسب ما تعلمنا فإن كل بدعة ضلالة... وكل ضلالة صاحبها في النار... وهذه البدعة ابتدأت بعد إلغاء قيمة الرسوم المطلوبة من كل مريض وهي مئتا فلس لاغير.

البدعة الجديدة في المراكز الطبية هي أنه ممنوع معالجة أكثر من شخصين من عائلة واحدة في اليوم الواحد... والمريض الثالث من هذه العائلة يكون علاجه مرفوض... عاد هذي المريض محموم أو مزكوم أو مصدوم أو مرحوم أو مسهول أو ممسوك أو مشلوخ أو مرضوض، أو أو... لا يهم، الذي يهم فقط هو أن يأتي في اليوم الثاني.

ماكينة الصراف الآلي الموجودة في كل فرع لكل بنك، أو حتى في المجمعات التجارية، هي التي لها حد معين لا يتجاوزه الساحب من رصيده... وحتى عندما يريد الساحب أن يتجاوز الرصيد اليومي المسموح به من كل ماكينة صراف آلي، فإن كل ما عليه عمله هو أن يذهب إلى الماكينة قبل منتصف الليل بخمس دقائق ويسحب الحد الأقصى، ثم ينتظر دقائق معدودة، وعندما تتعدى الساعة منتصف الليل يمكنه السحب من جديد.

هذا بالنسبة للصراف الآلي... أما في المراكز الطبية فهذه الطريقة لا تنفع، لأنهم يلزمون أهل المريض الثالث بالعودة به إلى المنزل وإحضاره في اليوم التالي... وأهل المريض اتصلوا بي وسألوني كيف يكون ذلك ؟... قلت لهم الحسبة بسيطة، لأنه إذا أضفنا 7 زائد 5 يكون الناتج 12... اثنان يعالجون اليوم، وواحد باليد.

السبعة هي التي كانت عدد عجائب الدنيا، واليوم نضيف لها هذه العجيبة الجديدة والتي لا يمكن أن نسمع بها أو نراها في أي بلد أو دولة أخرى... والخمسة هي عدد أصابع اليد الواحدة التي نسبح بها ونقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله الذي أحيانا لهذه اللحظة التي نرى فيها العجب العجاب من هكذا مسئولين صحيين.

والقصة بدأت في مساء يوم السبت عندما لاحظت مواطنة بحرينية من سكنى مدينة حمد أن ثلاثة من أولادها مرضى... ولاحظوا هنا أن المواطنة هي بحرينية الجنسية والأصل... أباً عن جد عن جد جد... وهي دارسة لعلوم التمريض ما يعني أنها تعرف الفرق بين المرض الذي يستوجب علاجه في المنزل والمرض الذي يستوجب علاجه لدى الطبيب، لكنها لا تعمل لأنها متفرغة لبيتها وزوجها وأولادها.

هذه المواطنة أخذت أولادها الثلاثة المرضى إلى مركز مدينة حمد الواقع عند منطقة الدوار الثاني لعرضهم على الطبيب... الممرضة المسئولة في المركز أخبرتها أن القوانين لديهم تقول إنه يمنع معالجة أكثر من اثنين منهم في اليوم الواحد، وعلى هذه الأم أن تختار اثنين من اولادها المرضى ليراهم الطبيب، والثالث يخرج من المركز الصحي... عاد يصرخ أو يسكت، تمبط كبده أو يمبط راسه، يموت أو يحيا، هو وحظه.

طبعاً الأم البحرينية لم تصدق هذا الكلام الذي لا يدخل إلى المخ بسهولة فأخذت تترجى الممرضة حتى تقبل معالجة ابنها الثالث... الممرضة حتى تتخلص من المسئولية أخبرتها بأن القرار بيد الطبيب المناوب... فدخلت على الدكتور وأخذت تترجاه لكي يقبل معالجة ابنها الثالث، ولكن الدكتور أبلغها بأن القرار بيد الممرضة التي أرسلتها إليه، وكل واحد منهم يتهرب... وبين حانا ومانا ضاعت كل قضايانا.

الأم المسكينة أصبحت في ورطة لأن أبناءها الثلاثة يتأوهون أمامها، وكلهم محتاجين للعلاج، وكلهم بنفس المحبة والغلاء عند الأم، فكيف ستختار، ومن الذي سيخرج من عناية علاج المركز الصحي، وماذا تعمل؟... أجلستهم بجانب بعض وابتدأت بالعد... أووه أووه عكرة بكرة، قال لي ربي عدي عشرة، واحد اثنين ثلاثة أربعة... وهكذا الحسبة حتى أخرجت الولد المسكين الذي وقع عليه رقم العشرة.

أنا أعرف أن سعادة الدكتورة الفاضلة وزيرة الصحة هي أم لجميع أولادنا المرضى قبل أن تكون أمّاً لأولادها فقط... وعلى هذا الأساس فأنا لا أعتقد أنها من الممكن أن تصدر هكذا قرارات مجحفة بحق المرضى الذين يطلبون العلاج... ومن المعتقد أن هذه التصرفات هي فقط نابعة من قرارات داخلية في المراكز الطبية.

والآن نحن نطلب من المسئولين في وزارة الصحة اما الإعلان عن السبب الذي جعلهم يتخذون هذه القرارات العجيبة... أو سرعة التدخل لوقف تنفيذها في المراكز الطبية