المخاوف التي أطلقها الرئيس المصري حسني مبارك من خشية أن يؤدي انسحاب القوات الأميركية في الوقت الحالي سينذر باحتمال اندلاع حرب أهلية و أن معظم الشيعة الذين يقطن غالبيتهم الجنوب العراقي هم من الموالين لإيران هي نفسها وتكراراً لمخاوف زعيم عربي آخر انذر سابقا من مخاوف امتداد الهلال الشيعي. التصريحات تزامنت مع ظروف استثنائية أولا مع حلول الذكرى الثالثة لسقوط بغداد في العام 2003 إضافة إلى تعسر مباحثات الحكومة العراقية لاختيار مرشح لرئاسة الوزراء بديلا للمنتهية ولايته إبراهيم الجعفري وتعيين عادل عبد المهدي الذي جاء بعد الجعفري في المرتبة الثانية بفارق صوت واحد عندما وقع اختيار الائتلاف العراقي الموحد على شخص واحد، كما تزامنت في أعقاب مجزرة مسجد براثا الشيعي.

مبارك في تصريحات سابقة كان من اشد المناوئين لتوجيه ضربة عسكرية ضد إيران وحذر أميركا من مغبة القيام بذلك الهجوم الأرعن لأن نتائجه في النهاية لن تحمد خصوصاً بعدما أثار مخاوف وقوع انتفاضة لغالبية الشيعة الذين يقطنون في الخليج ضد حكوماتهم ما سيساهم في إثارة قلاقل واضطرابات أخرى تضاف إلى رصيد الاضطرابات الموجودة في منظمة الشرق الأوسط الكبير، كما أشار مبارك إلى احتمال بروز حزب الله اللبناني كقوة تثير توتراً في المنطقة. التصريح الذي أثاره مبارك بشأن موالاة غالبية العراقيين لإيران ومخاوف انسحاب القوات الأميركية تندرج على نفس خطى مبررات الإدارة الأميركية التي تشير في العلن أن انسحابها المفاجئ حاليا سيهدد الديمقراطية المعهودة في تلك المنقطة ويسمح للإرهابيين أمثال أبو مصعب الزرقاوي للتنقل بحرية دون رادع، الأمر الذي ينعكس بشكل آخر سلبيا على أمن المنطقة كلها».

إذا صنفت تلك التصريحات بأنها تندرج في خانة الهواجس من قوة إيران، كيف إذا نفسر رغبة أميركا في الجلوس على طاولة واحدة مع إيران للتباحث بأمر العراق؟ خصوصا أن إيران دولة إقليمية كبرى يحسب لها ألف حساب في التأثير على مجمل الأوضاع العربية الإقليمية. وما مناورات الرسول الأعظم التي أجرتها إلا دليلا عن رسالة إيران الواضحة في التعامل مع دول الجوار بأنها رسالة سلام ترسلها إلى الجيران، ورسالة تحذير إلى الأعداء