لا يمكن للحقوقي المدافع عن حقوق طائفة معينة أو فئة محددة أن يصف نفسه بأنه وطني، فالحقوقي الوطني ينطلق من مسئوليته الوطنية في الدفاع عن ثروات الوطن والحفاظ عليها، الثروات التي على سطح الأرض وقاعها، والأراضي المنهوبة والموهوبة، ولا يتوقف (الحقوقي) عن الدفاع عن تلك الأراضي تحت أية ذريعة أو اختلاق للقصص. ويجب عليه الدفاع عن الأراضي، كل الأراضي، وليست أراضي محددة وأخرى يتعامى عنها وكأنها غير موجودة على الخريطة!
رحل المناضل عبدالرحمن الباكر ورفاقه، واستشهد محمد بونفور وسعيد العويناتي ومحمد غلوم... وغيرهم من الشهداء، وما بدلوا تبديلا. لم يستبدلوا دنيا الذل بعز الموت والشهادة (ليس هذا كلاماً رومانسياً كما يقول الكهل العزيز)، هذه الشهادات التي قدمت بدماء الوطنيين الأحرار وغيرهم من المناضلين الشرفاء في السجون والمنافي، سيرهم يجب أن يتم تدوينها للجيل الناهض بعد كبوة الثلاثين العجاف. التاريخ البحريني لم يكتب، ولم يروى منه إلا القليل جداً عن طريق الآباء أو الأمهات والجدات. ومازالت وزارة الداخلية وجهاز الأمن الوطني (أمن الدولة سابقاً) يحتفظان بأرشيف الجنرال ايان هندرسون، صاحب الأيادي المغموسة بدم الضحايا، كل الضحايا مذ أن وطأ بقدميه هذه الجزيرة الوادعة ليفعل فعلته التي رأينا. تاريخنا البحريني مازال مقيداً أسيراً في أقبية وزنازين مخابرات أمن الدولة. فمتى ينكسر قيد تلك الملفات، ويتم الإفراج عنها؟!
اعتقد إن جزءا كبيرا من الطائفية الرائجة هذه الأيام، هو غياب البديل الوطني، وضياع الهوية البحرينية المحبوسة في أدراج جهاز الأمن الوطني! كم يتألم المرء حينما يرى أن الوعي الوطني يتم تزييفه مع سبق الإصرار والترصد إلى وعي طائفي لدى أبناء الطائفتين. إن المسئولية التاريخية التي ينبغي أن نجند أنفسنا لها هي عملية تدوين التاريخ البحريني، الذي يشكل المرتكز الأساسي للهوية البحرينية القائمة على المواطنة وأهمية التعايش السلمي والمفاهمة بشأن مستقبلنا جميعاً. وكتابة التاريخ من مسئولية البحاثة المهتمين بالتاريخ بالدرجة الأساسية، إلا أن ذلك لا يمنع من مساندة الطلائع والتجمعات الوطنية والمساهمة في تدوين هذا التاريخ؛ نأمل ذلك.
عطني إذنك...
لاشك أن أزقة المحرق «ورشة أمل» وتدريب للوطنية، وإنها ملتقى لكل الأعراق والطوائف في المجتمع... وتعلمنا منها بديهيات حب الوطن وجميع المواطنين. إلى جانب ذلك، يدعي كل من: «الحقوقي» و«شيخ الدين» و«كاتب كهل مجامل لعلية القوم» أنهم يدافعون عن حقوق جميع المواطنين، وإن «للسنة» و«الشيعة» حقوقاً مواطنية؟! إذاً؛ فعلام تلك الزوبعة والأتربة التي يثيرها هؤلاء كلما كتبنا حول المواطنة أو الوطنية أو تحدثنا بذلك في المجالس الأهلية؟! كلامهم وخطابهم مزدوج، وذلك ما لم أستطع لحد الآن الاقتناع به وانتهاج خطاهم، على رغم ضجيجهم وصراخهم حولي... إلا أن لي وجهاً واحداً، أرجو الله تعالى أن ألقاه به كما هو بلا رياء ومجاملات أو نفاق، أو دجل وكذب
إقرأ أيضا لـ "محمد العثمان"العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ