خلق الاقتصاد الأميركي نحو 211 ألف فرصة عمل في شهر مارس/ آذار من العام الجاري، بينما انخفض معدل البطالة إلى 4,7 في المئة حسب وزارة العمل الأميركية. وكان عدد الوظائف الجديدة مفاجئا بالنسبة إلى المحللين الذين توقعوا خلق 190 ألف فرصة عمل جديدة فقط.
وبعيدا عما قد تثيرها هذه الزيادة من مخاوف مصدرها الخشية من ان يؤدي هذا الارتفاع الكبير في عدد فرص العمل المستحدثة إلى تضخم في زيادة الرواتب، ما سيشجع الخزينة الفيدرالية على زيادة سعر الفائدة لاحتوائه، تجدر الإشارة إلى ان فرص العمل الجديدة لم تخلق في كل القطاعات، فالتشغيل في قطاع الصناعة مثلا شهد انخفاضا بـ 5000 وظيفة، وذلك بعد انخفاض أكبر في فبراير/ شباط، بلغ 10 آلاف فرصة عمل. أما قطاع النقل، فانخفض التشغيل فيه بـ 7600 وظيفة.
ترى من أين اتت الزيادة لتعويض مثل هذه التراجعات؟ لقد كان قطاع الخدمات هو أكثر القطاعات التي ازدهر فيها التشغيل في الفترة نفسها، فقد كانت الخدمات هي التي تصدرت الترتيب بـ 202 ألف فرصة عمل مستحدثة في مارس/ آذار و194 ألفا في فبراير. ما يعني أن الاقتصاد الأميركي يتكئ في تعويض تراجعاته وتحقيق مظاهر نموه على قطاع الخدمات، وهو القطاع الذي تطور كي يصبح أحد أنماط الاقتصاد، الذي بات يطلق على اقتصادات بعض البلدان مثل الولايات المتحدة. اقتصاد الخدمات وهو تعبير يستخدم عند كلا أو أحد تطورين في اقتصاد بلد ما: أولهما تنامي وزيادة أهمية قطاع الخدمات في الاقتصاد ذي القاعدة الصناعية. وتستحوذ الخدمات على نسبة عالية من الناتج القومي الأميركي طيلة العشرين سنة الماضية، كما أن نسبة عالية من قائمة الــ 500 شركة التي تنشرها فوربز هي شركات خدمات. أما بالنسبة للمعيار الثاني فهو تعبير عن ظاهرة ما يمكن أن نطلق عليه تجاوزا «خدمنة المنتجات». إذ يمكن القول انه اليوم أصبح كل منتج يحمل في طياته خانة للخدمات. وان الكثير من الشركات المشهورة بصناعة منتجاتها ومن بينها شركة مثل آي بي إم (IBM) بدأت تأخذ بهذا المنحى، على رغم أنها لاتزال تنتج أجهزة الحاسوب، لكنها بدأت تضيف لها حلول خدمات الأعمال، التي توفر دخلا أفضل يستمر لفترات أطول.
ربما أصبح الوقت مؤاتيا للتفكير في «تخديم صناعة المنتجات النفطية» لكي تتحول دخولها من مردود لمرة واحدة لقاء كل صفقة إلى دخل مضمون متنام ومستمر لفترة أطول من جراء الخدمات المرفقة مع الزيت الخام المباع، أو على أطرافه
إقرأ أيضا لـ "عبيدلي العبيدلي"العدد 1312 - الأحد 09 أبريل 2006م الموافق 10 ربيع الاول 1427هـ