العدد 1311 - السبت 08 أبريل 2006م الموافق 09 ربيع الاول 1427هـ

وزارة التنمية... إنهم قادمون

قاسم حسين Kassim.Hussain [at] alwasatnews.com

كاتب بحريني

قبل أسبوعين، قدّمت مجموعةٌ من «الصم والبكم» مسرحية دينية تاريخية على مسرح مدرسة حطين الابتدائية، وقبل يومين قدّمت فئة «المعوّقين» مسرحية «قناتنا الفضائية»، على صالة النادي الأهلي. وحرصت مساء الأربعاء، على حضور العرض الأول للمسرحية التي أقيمت تحت رعاية وزيرة التنمية الاجتماعية فاطمة البلوشي، التي أعربت عن تطلعها إلى ميلاد مسرح المعوقين. وهو حلمٌ يطمح إليه كثيرون، وخصوصاً أسر المعوقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، من أجل كسر طوق العزلة عن هذه الفئات وإخراجها إلى فضاء المجتمع الواسع، بدل التقوقع حول الذات والعيش بين جدران المنزل.

الجمهور حضر المسرحية وهو يحمل توقعاً مسبقاً لما يمكن أن يشاهده، من بكائيات وندب، لتسليط الضوء على واقع هذه الفئة لاستدرار الدموع، وهو ما يلاقي هوى لدى هذه الفئات التي تعيش في الظل، وتريد أن تبوح للآخرين بهمومها. ولكن المخرج الشاب نضال العطاوي سار بالعمل في اتجاه آخر كوميدي، بما اختاره من قفشات ولقطات فكاهية، لم تخلُ من «نغزات سياسية»، لواقع العمل الحكومي البطيء، وعدم الاهتمام بهذه الفئات التي تعيش على الهامش.

الممثلون أبدعوا في أدائهم، ونجحوا في إثبات قدراتهم، وقدّموا عملاً اجتماعياً فكاهياً يحمل المشاهد على الضحك من قلبه، وهو ما تجلى في تعليقات وضحكات وتصفيق الجمهور. ومن أجمل الأمور أنك تسمع لهجاتٍ متنوعةً تمثّل البحرين الطبيعية، لا تلك التي تخنقنا هذه الأيام بسبب السياسة. من الناحية العملية، استمرت البروفات لأكثر من ستة أشهر، تخلّلتها فترةُ توقفٍ لشهرين، احتراماً لفترة «التحاريم» (محرم وصفر)، بحسب المخرج العطاوي.

هذه الفئة لا تريد نظرات العطف والشفقة، وإنّما تتطلع إلى تفهّمٍ منا نحن مجتمع «الأصحاء»، وتيسيراً لأمورهم المعيشية، وما يعنيه ذلك من إجراءات وخطوات عملية تسهل إدماجهم في المجتمع. وهنا يأتي دور وزارة التنمية وغيرها من الجهات ذات العلاقة، لتجسير الفجوة القائمة، فلا يكفي تخصيص مواقف للسيارات، كما قالت المسرحية بصريح العبارة. ولذلك طرحت المسرحية وبإلحاحٍ، سؤالاً يهمنا جميعاً: «ماذا فعلتم لذوي الاحتياجات الخاصة؟»، في رسالة واضحة ومباشرة.

الإعاقة الجسدية تولّد إعاقات أخرى نفسية واجتماعية واقتصادية، كما أن الإعاقة لا تفرق بين الناس على أساس ديني أو عرقي أو مذهبي، فمن الممكن أن يكون سببها وراثياً، أو مرضياً أو طارئاً، كحادث مروري أو اعتلال بالشبكية ينتهي إلى فقدان البصر، فليس هناك إنسانٌ في مأمنٍ من البلاء في هذا العصر. هؤلاء المحرومون من بعض النعم، عوّضهم الله بنِعَمٍ أخرى، بعضها ذلك الإصرار على الإنجاز والاعتماد على الذات، فإحدى الممثلات على رغم إعاقتها تقوم بأعمال التدريس، وترفض أن يدفع أحدٌ كرسيّها المتنقل، وهي طبّاخة ماهرة.

أرواحٌ كبيرةٌ في تلك الأجساد، شهدناها على مسرح النادي الأهلي، أوصلت رسالتها إلينا، والكرة الآن في ملعب وزارة التنمية الاجتماعية، إذ وعدتهم الوزيرة بالكثير، عندما تحلّقوا حولها مع عددٍ من فئة الصم والبكم، الذين حرصوا على الحضور لمشاهدة المسرحية. ولأنهم خرجوا تواً من العزلة، فلهم مطالب محقة كمواطنين، بدءًا من الحقّ في التعليم وانتهاءً بالحق في التوظيف.

مع الأيام يتيح لنا العمل الصحافي الانفتاح على فئاتٍ جديدةٍ في المجتمع، والمعوّقون والصم وذوو الاحتياجات الخاصة تكثر أعدادهم مع ازدياد عدد السكان، فلتفتح الوزارة قلبها وأبوابها... إنهم قادمون

إقرأ أيضا لـ "قاسم حسين"

العدد 1311 - السبت 08 أبريل 2006م الموافق 09 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً