ما حدث فجر أمس (مساء أمس الأول) عند المدخل الجنوبي لبني جمرة لا يمكن أن يسمح له بالاستمرار، إذ إنه يشبه ما حدث في الديه قبل ليال عدة... مجموعة من الشباب الملثمين تحرق إطارات، ومن ثم قوات الأمن ترميهم بمسيلات الدموع وتقيم نقاط التفتيش، ويتم توقيف السيارات لإلقاء القبض على المشتبه فيهم، وكل ذلك في اجواء متوترة ليست في صالح أحد.
ليس المجال هنا لإلقاء التهم على هذه الفئة أو تلك، أو لتبرير هذا الفعل أو ذاك... ما يحدث من قيام مجموعة من الشباب الملثمين عند مداخل القرى، أو في التقاطعات المهمة، أمر مرفوض وليس له أي تبرير، ويجب علينا جميعاً أن نعلن موقفنا من ذلك لكيلا تختلط الأوراق.
ثم إن الرد الأمني يحتاج إلى معالجة، لأن رمي منطقة بمسيلات الدموع الكثيفة يؤثر على الجميع (مواطنين وأجانب)، ولربما هناك وسائل أفضل من مسيلات الدموع، لأن الناس داخل منازلهم ليس لهم علاقة بما يجرى، وهناك الكبار والصغار، وهناك من يحاول الذهاب إلى النوم لأن العمل أو الدراسة تنتظره في الصباح الباكر. وهناك من يسوق سيارته على الشارع العام، ومن واجب الجميع تأمين السير على الطريق العام، وهذا في تراثنا الإسلامي منذ مئات السنين قبل أن يكون من متطلبات الدولة الحديثة.
المسئولية جماعية وليست جهوية... فقوات الأمن تستطيع أن تقمع الملثمين، لكن الاسلوب يكلف البلد والمجتمع، وربما يلبي طموحات البعض. المسئولية ملقاة على الصحافة وعلى علماء الدين وعلى الجمعيات السياسية والاجتماعية وعلى الأهالي انفسهم، لأنهم هم الضحية في النهاية. فاذا كان هناك مطلب مشروع للأهالي فإن هناك وسائل مشروعة يتعاطف معها القريب والبعيد، ولكن لا يمكن أن تترك الأمور للحسم الأمني المضر للجميع.
علماء الدين المؤثرون يلمحون في خطاباتهم لما يحدث، ولكن تلميحاتهم ليست واضحة بالقدر الكافي والمطلوب. فالوضوح في الطرح يتطلب تكراراً صريحاً (كما يكرر المرء الشهادتين) من دون ربط هذا العمل بأية مطالب مشروعة أخرى. فنحن نعيش في بلد توجد فيه صحافة تمتلك هامشاً من الحرية، ولدينا جمعيات وحركات سياسية رسمية، وأخرى غير مسجلة رسميا، ومادام كل ذلك يتم بالاسلوب السلمي فلا اشكال أساسي عليه. والناشطون اجتماعياً وسياسياً سيكونون أول المتضررين فيما لو تركوا الأمر للحسم الأمني، لأن القبضة الأمنية لها متطلباتها، وهي قاسية على البيئة التي تحاول السير نحو انتخابات أو نحو مزيد من الحريات العامة (بالنسبة لمن لا يود المشاركة في انتخابات).
آن الأوان لأن يتحرك الجميع من أجل وأد هذه الفتنة من خلال الاساليب الاقناعية أولاً، ومن خلال العمل الجماعي الدؤوب الذي يحفظ أمن المناطق بالاعتماد على الترابط المجتمعي الذاتي والمؤسسي. والخشية هي أن التأخير في معالجة هذه الحوادث التي يشارك في اثارتها مجموعات شبابية (نحو 15 إلى 20 شخصاً بين فترة وأخرى) ستكون نتائجها سلبية علينا جميعاً، في الدولة والمجتمع. إن هذه بلادنا وبحريننا، وهي أغلى ما لدينا، ويجب علينا أن نحافظ عليها
إقرأ أيضا لـ "منصور الجمري"العدد 1311 - السبت 08 أبريل 2006م الموافق 09 ربيع الاول 1427هـ