رئيس الوزراء صاحب السمو الشيخ خليفة بن سلمان بن حمد آل خليفة... حفظه الله ورعاه... هو دائماً من السباقين الموجودين عند المحن... يشرف على الإنقاذ، ويطلع على النواقص... مع الحدث، وفي مكان الحدث... وقد كان كذلك عندما سقطت طائرة طيران الخليج بالقرب من سواحل قلالي منذ مدة ليست بالبعيدة... وهو كذلك عندما غرقت السفينة (البانوش... الدانة) منذ أيام قليلة... هذا عدا عن زياته للمصابين ومعرفة مدى الإصابة، والناجين وتطمينهم، ومواساة من فقد عزيز لديه...
هذا هو طبعك يا بوعلي... وهذه الأطباع ليست من المكتسبات الدنيوية... وإنما هي من الملكات التي تولد مع الإنسان، مثلها مثل الملكات الأخرى الكثيرة، التي يصعب الحصول عليها حتى بالمال...
ولكن سمو رئيس الوزراء الموقر لديه الكثير من الخطط والبرامج المستقبلية... والتي هي في صالح البحرين... شعباً ومملكة... وهذه البرامج موجودة على الأجندة، ومخصصة لها الموازنات اللازمة، وذلك بحسب الأيام والشهور والسنوات المقبلة... وكل شيء مخطط له بحسب البرامج الموضوعة من قبل مجلس الوزراء...
وسؤالنا الآن هو: هل هناك تعاون بين الجهات الأخرى في الوزارات المختلفة في مملكة البحرين للمحافظة على المال العام حتى يتمكن سمو رئيس الوزراء من تنفيذ هذه البرامج؟ وهل المطلوب من سموه عمل كل شيء بنفسه، أم أنه من المفترض أن يقوم بالإشراف فقط على عمل الوزراء التي لديها كل الصلاحيات؟
هذه أسئلة مهمة... وهي تدور في مخيلتي منذ أن غرق البانوش وسمعت الأخبار التي تتكلم عن تجاوزات ستكلف البحرين الكثير وغير المتوقع من المبالغ النقدية التي من المحتمل أن تصل إلى أرقام فلكية... فمن أين سنأتي بهذه المبالغ؟ وعلى حساب أي مشروع ستكون؟ وما هي معاناة الشعب البحريني من جراء ذلك؟ ومن هو المسئول الذي سبب لنا ذلك؟ وكيف ستتم محاسبته؟
كانت كارثة حقيقية على البحرين وشعبها عندما سقطت طائرة طيران الخليج، ولكنها كانت على الأقل مؤمناً عليها في شركات تأمين كبيرة، كما أن غالبية الخسائر في الأرواح نزلت على العائلات البحرينية والعربية (الله يرحمهم جميعاً) ولم تهتز في ذلك الحين سوى صورة سلامة النقل الجوي، والحمد لله فقد استعادت البحرين هذه الثقة سريعاً...
أما في حادث غرق البانوش (الدانة) فإن الأمور مختلفة... وهي ليست كارثة فقط، بل هي مصيبة وحلت علينا... صاعقة نزلت وضربت على رؤوسنا... فالسفينة ليست مؤمنة، وكل الذين توفوا أجانب وتعويضاتهم كبيرة، ومن ضمنهم أعداد من الأوروبيين وقيمتهم عالية جداً ورهيبة، والبريطانيون يخضع تعويضهم تحت بند القانون البريطاني وهذه هي المصيبة بعينها، والذي سيدفع هو الحكومة...
المصيبة هي أننا مجبورون على دفع التعويضات الخيالية... ولا توجد أعذار... ولا تنفع الأعذار أصلاً مع هذه الدول الكبيرة... ونحن تورطنا أيما ورطة... والإنسان في هذه اللحظات كل ما يمكنه أن يعمل هو فقط الجلوس وضرب كف بكف والتساؤل: كيف يعني السفينة غير مؤمن عليها، وقد أصدرت لها رخصة عمل كمطعم عائم؟ ومن المسئول عن أرواح الزبائن حتى ولو كانت على الرصيف؟
كيف يعني القبطان غير مؤهل وغير مرخص وهارب من كفيله وموجود في البحرين بصورة غير شرعية، والبانوش يعلن عن رحلاته اليومية... كيف؟ وأين وزارة العمل ومفتشيها؟ وكيف يعني أن تكون السفينة من فايبر كلاس وخفيفة ثم يتم عمل الإضافات المحلية عليها وتستخدم كمطعم يحمل الركاب ويسير بهم في عرض البحر من دون ترخيص؟ أين وزارة الإعلام وإدارة السياحة؟
كيف يعني يحمل هذا البانوش الركاب ويسير بهم في البحر ومن أمام قاعدة خفر السواحل، ولمرات كثيرة من دون أن يكون لديه ترخيص بذلك؟ أين كانوا طوال هذه المدة؟ ولماذا لم يتم توقيفه وسؤاله والكشف على أوراقه؟ ولماذا لا يقوم المسئولون عندنا بواجباتهم الكاملة قبل أن تقع المصائب؟ لماذا؟
هناك الكثير من الضالعين في التسبب بهذه القضية... وهم الذين لا يقومون بالأعمال الموكلة لهم بالشكل الصحيح... ويتركون الأمور سائبة... وعندما يقع الفأس في الرأس... يريدون من سمو رئيس الوزراء الموقر أن يحل المشكلة؟
والله قلبي معك يا بوعلي..
إقرأ أيضا لـ "سلمان بن صقر آل خليفة"العدد 1310 - الجمعة 07 أبريل 2006م الموافق 08 ربيع الاول 1427هـ