العدد 1310 - الجمعة 07 أبريل 2006م الموافق 08 ربيع الاول 1427هـ

تخبط التيار الإسلامي في البحرين

سيد ضياء الموسوي comments [at] alwasatnews.com

الأمل يكبر مع الأيام أن نحظى بانسان بحريني جديد لا يعاني من عقد السلطة والاحزاب، وليس مثقلا بالتاريخ، ولا معبأ ضد الآخر. الجيل المتبقي مازال مسكونا بكل الاثقال السسيولوجية والسياسية وحتى العصابية. الجيل الماضي -وخصوصا الاسلامي- مثقل بثقافة المحرمات على الاطلاق ومشحون بتضاريس الاحزاب والمناهج الانشطارية هذا من حزب فلان وهذا يقلد علان وهذا ضدنا وذاك أمامنا الخ. عقلية هذا الجيل لعبت فيها السياسات والمنعطفات التي مرت بتاريخ الامة. دماغ هذا الجيل معبأ بتوجسات وتعقيدات واحباطات كثيرة، منها هزيمة 67 وصلح السادات وانتصار ايران وما رافق كل ذلك من سلبيات وايجابيات، وحرب الخليج الاولى والثانية وكل ما يلف هذا التاريخ من اسلاك كهربائية واحلام ثورية واعتقالات تعسفية وخطب عصابية سارحة في التاريخ عبر مسكنات مؤدلجة واقراص مهدئة للاعصاب المشدودة إضافة إلى فرض قيادات من الخارج لا تعرف عن زقاق في البحرين فضلا عن الناس - ولكل الاطياف - من دون أن يكون لها أي أثر واقعي على تغيير واقع الناس من حيث التأهيل الأممي أو الاقتصادي وعلى رغم ذلك تجد كل الاحزاب والقوى السياسية من دينية إلى ماركسية إلى قومية قياداتها من خارج الحدود وكل هذه القيادات لا تعرف عن البحرين الا اسم البحرين. وطيلة السنين كان الناس ينتظرون ان يتمخض من جبل هذه التعقيدات فردوس امتيازات ينعكس على واقع الناس وكانت النتيجة دائما مزيدا من الخسارة وتكدساً جديداً للاحباط مع أكياس البصل الذي يرافق رحلة العمر والقهر والصيام أيضا.

هناك عدة أسباب تلخص أحد أهم الاسباب. القاعدة الفلسفية: ان النتيجة تتبع أخس المقدمتين. باختصار شديد السبب هو غياب القيادة السياسية المعرفية. الساحة البحرينية انجبت شخصيات مخلصة نزية، لكنها لم تنجب قيادات سياسية منفتحة على العالم الا ما نذر جدا، قادرة على ايجادة اللعبة السياسية باتقان وحرفية، وتمتلك استراتيجية للتغيير وبعد نظر مع تجربة مثقلة بالبحوث والدراسات العلمية، وتمتلك اطلاعا واسعا على تجارب الامم ومتواصلة مع الثقافات الانسانية. من يريد الدليل فليقرأ (البيانات، الخطب والمواقف) طيلة هذه السنين. ولا شك في أن كل ذلك له دور في تكوين نموذج قيادي مؤثر. البحرين بحاجة إلى استراتيجية تنظيرية وليس إلى فتاوى. الفتاوى لا تصلح للعمل السياسي لأنها تتحرك في منطقة الأسود والابيض، والسياسة ساحة مفعمة بالالوان الرمادية. العمل الشعبي في البحرين بحاجة إلى عمل مؤسسي والا سيبقى يعاني من الذبحات القلبية باستمرار في السياسية وحتى في الجوانب الثقافية. اختزال الأمة في الافراد يقود إلى منزلقات كبيرة ولعل سر تطور الغرب انهم احتكموا إلى فكر المؤسسات وبدأ التحول والتطور. وهنا يجب ان نفرق بين الدولة المدنية والدولة الثيوقراطية. أصبح القادة في البحرين بعدد حبات الرمل وهذا لا يقود إلى نتيجة بل إلى مزيد من الخسارة والاحباط والتراجع، لأنه يأتي على قاعدة: قومي رؤسس كلهم. والغريب في الأمر ان أكثر المتعاطين في السياسة غير دارسين لها تماما كالميكانيكي الذي اعطي السكين ليعالج انسانا يعاني من جلطة في القلب. القيادات الشعبية في البحرين - بشتى أنواعها - لا تمتلك رؤية ولا برنامجا سياسيا والدليل هذا التخبط الحاصل الذي قاد في نهاية المطاف إلى أن ينزل المحبطون الشارع لحرق اكياس وحاويات القمامة. كمراقب للحوادث لا اضع اللوم على الشباب البحريني، بل على القوى السياسية التى كلما شعرت باحباط الداخل هرولت إلى فلسطين أو أية قضية في الخارج أو راحت تجرجر شخصيات مؤدلجة تعزف للناس عزفا تاريخيا تنويميا قد يهدأ الجمهور أو ينسيه من ألم الواقع وقهر السنين العجاف.

كثير من الشخصيات التى يؤتى بها للبحرين - وليس جميعها - لا تتحدث الا في الزهد والاخلاق والتذكير بالآخرة الخ. شيء جميل لكني أعتقد أن الناس بحاجة ايضا إلى شخصيات معرفية تحدث المجتمع عن سر تطور اليابان ولماذا تطورت اوروبا علميا وكيف يؤهل الانسان نفسه اقتصاديا؟ لغة الخبز هي اللغة المغيبة من خطابات هذه المنابر. خطبنا -كإسلاميين - تخلوا من لغة الارقام والوثائق والمعلومات المعرفية والعلوم الانسانية، وهذا بلا شك يقود إلى خلق عقل جماهيري انشائي رومانسي يبسط القضايا والحوادث. البحرين في السنوات القليلة المقبلة ستشهد خروج عدد من الشخصيات التي افرزتهم الساحة وخصوصا في السنوات العشر الاخيرة بسبب عدم تناسب الخطاب مع الواقع وسيكون هناك تقاعد سياسي مبكر كما وأن هناك هاجس تحول البرلمان القادم إلى شبه حوزة مؤتمرة بالوصاية الدينية وحكم الفرد او نظام الحزب الواحد الذي ضعف في النظام العربي وبدأ يتسلل إلى الانظمة الدينية لكن هذه المرة سيكون الراتب الشهري من الحكومة ولا أعلم ان كان سيطبق علية مجهولية المالك أم لا؟ ان تحول البرلمان إلى شبه حوزة سيضعفه بلا شك لان ايقاع الحوزة شيء وايقاع البرلمان شيء آخر. بعد اربع سنوات سيكتشف الناس خطأ المواقف

إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"

العدد 1310 - الجمعة 07 أبريل 2006م الموافق 08 ربيع الاول 1427هـ





التعليقات
تنويه : التعليقات لا تعبر عن رأي الصحيفة

  • أضف تعليق أنت تعلق كزائر، لتتمكن من التعليق بـ3000 حرف قم بـتسجيل عضوية
    اكتب رمز الأمان

اقرأ ايضاً