جلس الاثنان يتحدثان بصوت عال، واشتد النقاش وحمى الوطيس حينما قال الثاني للأول: «لماذا تدافع عن (حرامي)؟ اسمح لي أن أقول لك إن صديق الحرامي... حرامي! ويبدو من دفاعك عن (فلان) الحرامي الكبير، وتبريرك لمواقفه اللصوصية المتعددة أنك صديقه أيضاً ولذلك، فأنت حرامي».
لم يتمالك الأول نفسه فقال محاولاً التظاهر بالهدوء وعدم الاكتراث: «الله سبحانه وتعالى أدرى بسرائر الناس، لكني لم أدافع عن حرامي وإنما دافعت عن إنسان سرق لأنه جائع، ومد يده على بعض النقود في العمل لأنه في حاجة إلى شراء دواء لوالدته المريضة، واضطر إلى (أخذ) بعض الأجهزة من أحد المخازن لاستخدامها في منزله المتهالك الذي يخلو من مكيف وثلاجة صغيرة وجهاز تلفزيون، واضطر ذات يوم لسرقة باب مسجد مصنوع من الألمنيوم ليبيعه ويقضي بالمال دينه... هكذا هو... معتاز!!».
قال محدثه: «يبدو أننا ظلمناه كثيراً... لابد لي من أن اعتذر لك عما قلت! فلم يسرق ذلك الإنسان ولم يمد يده على حرام ولم يتجاوز حدوده ولم يأت بفعل يخالف الدين والشرف والأعراف... مسكين، لم أكن أعلم بحاله! لكن على أي حال، لم تقصر أنت وشرحت الموقف وعرفنا أنه لم يسرق إلا لحاجة وهذا يكفي لتقديم العذر له».
«لكن (يكمل حديثه) لا شك في أن هناك الكثير من الأمور يجب أن يعرفها أهل الديرة، فالحرامي، ليس مجرماً في كل الحالات... بل ربما كان يتمتع بوطنية عالية ونحن لا ندري... فالذي يمد يده مثلاً على الأموال العامة ويسرق من المشروعات والمناقصات ويتفنن في سحب (الفلوس) من هنا وهناك، وذلك الذي يتعمد الإضرار بالمواطنين من خلال التلاعب في الرسوم والتزوير، وأولئك الذين يعبثون بالمشتريات فيرفعون سعر جهاز لا يتعدى العشرين ديناراً مثلاً، إلى 120 ديناراً لأن المال سيأتي من الحكومة ولا مانع من التلاعب... كل أولئك يمكن اعتبارهم أبطالاً في نظر البعض، إذ وجدوا أنفسهم مضطرين... مضطرين، للسرقة»!
لكن، حدث العاقل بما لا يليق... فإن صدق فلا عقل له
إقرأ أيضا لـ "سعيد محمد"العدد 1309 - الخميس 06 أبريل 2006م الموافق 07 ربيع الاول 1427هـ