البحرين هذه الواحة الجميلة، لا أعلم لماذا يراد لها دائما أن تكون محل استنساخ التجارب الأخرى؟ كل يريد بناء البحرين على طريقته الخاصة والاكثرية صامتة.
لا نريد للبحرين إلا أن تلبس لباسها البحريني فقط. هناك من يريد للبحرين أن تتحول إلى دولة الخلافة أو قطعة من أفغانستان، وهناك من يريدها دولة شيوعية، وهناك من يريدها ليبرالية بحتة حتى في الأخلاق، وهناك من يرفع صورا وكأنها قطعة من طهران وهكذا. نقول: لا نريد بحريناً أفغانية ولا إيرانية ولا أميركية ولا سوفياتية، مع احترامنا لكل هذه التجارب. نريد بحريناً بحرينية لها خصوصيتها التاريخية والاخلاقية والسياسية. واحد عامل نفسه جيفارا عصره وواحد متحول إلى الإمام الاعلى وواحد صاير لي كأنه الحوثي، وواحد كأنه الظواهري، والنهاية البحريني الغلبان هو الخاسر والتداعيات تسقط على رؤوس الجميع. البحرين يحكمها القانون ولا نريد أفكارا تسقط عبر البارشوتات.
تعجبت من النواب وهم يحاولون أن يشرعنوا قطع يد السارق كقانون في البحرين. كمواطن لي الحق أن أبدي رأيي وأقول: لا نريد قانونا يقطع أيدي البشر. ثبتوا أولا العدالة وسيادة القانون، ومن ثم لكل حادثة حديث. وإذا كان هناك من يتناغى مع هذا الطرح، أطرح هنا أسئلة مهمة: هل سيطبق القانون على الجميع؟ نأمل من الحكومة أن لا تلبي كل هذه الاقتراحات، كفاية الظلم الذي وقع على المرأة المسلمة بسبب المزايدات والهوس الديني! والسؤال: لو اكتشفنا لاحقا وجود فساد في إحدى عمليات جلب (الزكاة أو الخمس) لا سمح الله، أو التبرعات أو المعونات التي تجبى من الصناديق الموزعة في طول البلاد وعرضها، هل سيتم تطبيق قانون قطع الايدي؟ أم ستخلط الأوراق وسيضحك على عقل الجمهور؟ يا جماعة بلاش مصايب. البحرين ليست بحاجة إلى استعراض عضلات! كفاية فشل الدول الإسلامية في تطبيق دولة الانسان والعصر والمدنية واحترام الحقوق والاقليات، وبلاش فضايح. إذا كان هناك من هم ديني فلنعمل على ترسيخ العدالة الاجتماعية وسلطة القانون والتساوي بين البشر في الكفاءات والامتيازات بدلا من هكذا موضوعات!
لو أنا ترافعنا عن أهمية الخبز للفقير لما بقي جائع، ولكن للأسف كل يوم نقيم الدنيا ونقعدها على قضايا غير واقعية، ولا تستحق كل هذا الضجيج المفتعل. لا نريد إغلاق المحلات التجارية أثناء الصلوات حيث (لا إكراه في الدين)، ولا نريد «هيئة أمر بالمعروف ونهي عن المنكر» فنكفر هذا ونؤسلم ذاك، نسير في الشوارع بالعصي. البحرين جمالها في تنوعها. لا نريد فكر الوصاية يطبق علينا وكأننا جمع من القطيع، ونقسم البحرينيين إلى أهل إيمان وأهل كفر، إلى دار حرب ودار سلام.
كل يوم نختزل في رأي رجل دين، مرة هنا ومرة هناك، وكأننا غنم ليس لنا رأي ولا عقل. كل إنسان يمثل نفسه وليس لأحد أن يتكلم نيابة عن الجميع. وهكذا نحن يوما نؤخد للمواجهة ويوما للمهادنة ويوما للصمت وكأننا غنم والويل لمن ينتقد. لقد انتهى زمن الصمت والسكوت على هذه المهازل الفكرية.
والآن يطرح قطع الأيدي. اعطوا الفقراء مالا أولا، ثم فكروا في قطع الايدي. أنا لا أخاطب شخوصا وإنما أخاطب الأفكار، وكما تعطون لأنفسكم الحق في انتقاد كل شيء دعو الآخرين ينتقدونكم، فأنتم بشر لستم معصومين عن الخطأ في التوصيف أو التشخيص. ألم تسمعوا عن أيام المجاعة وامتناع الخليفة (رض) من إقامة حد قطع اليد بسبب الفقر والجوع والمجاعة؟ عززوا في الناس قيم الاسلام من نبذ العنف وترسيخ التسامح وجمالية التنوع وتقدير الإنسان بما هو إنسان، بعيدا عن اعتقاده أكان مسلما أم مسيحيا، هذا أفضل ألف مرة من هذه الأطروحات الاسقاطية التي تقتطع من الشريعة من دون مراعاة الظرف والزمان والمكان
إقرأ أيضا لـ "سيد ضياء الموسوي"العدد 1308 - الأربعاء 05 أبريل 2006م الموافق 06 ربيع الاول 1427هـ