تسنى لي مشاهدة عرض فيلم «ميونيخ» لأفضل مخرج في هوليوود (اليهودي) ستيفن سبيلبرغ الذي حاول، لأول مرة في تاريخ السينما الأميركية، استعراض الصراع العربي الإسرائيلي بانحياز أقل مما هو معتاد لـ «إسرائيل»، وهو ما أغضب الحكومة الإسرائيلية التي كانت ومازالت تحظى بالدعاية المجانية للإعلام الذي يسيطر عليه انصارها في مختلف أنحاء العالم، لاسيما في هوليوود.

شخوص وقائع الفيلم حقيقية، والدراما استوحيت بدقة لنقل كيف حاول الإسرائيليون ضرب العرب من خلال وسائل إرهابية ردت على عملية ميونيخ المعروفة، والتي راح ضحيتها رياضيون إسرائيليون.

سبيلبرغ استعرض كيف استهدف الإسرائيليون الفلسطينيين، وكيف أن الفلسطينيين الذين يحملون ارفع الدرجات العلمية والفكرية والأدبية، ولكنهم في الوقت ذاته اضطروا لرفع السلاح لايصال قضيتهم والصوت الفلسطيني إلى العالم اجمع، من خلال عملية توصف بالإرهابية أمام اعين العالم في أولمبياد ميونيخ في مطلع السبعينات من القرن الماضي.

الخلية الإرهابية التابعة للمخابرات الإسرائيلية استهدفت قيادات فلسطينية بحجة أنها شاركت في عملية إرهابية استهدفت رياضيين إسرائيليين، والجديد أن الفيلم يتعرض فيه - لأول مرة في تاريخه السينمائي - للصراع العربي الإسرائيلي، وهو لا يمر عليه مرور الكرام، بل إن جل الفيلم ومادته وشخوصه هي وقائع وشخوص حقيقية.

على رغم التحفظات على تفاصيل الفيلم، التي أثارت استياء الطرفين (الإسرائيلي والفلسطيني)، فإنه أصبح قيمة سينمائية ومادة دراسية لمن يحاول فهم الجوانب المعقدة للصراع العربي الإسرائيلي، ويتسنى لأول المرة للغربيين ان يطلعوا على وجهة نظر الفلسطينيين التي انجلت في إحدى مقاطع الفيلم عندما كان هناك حوار بين إسرائيلي وفلسطيني قبيل مواجهتهما بعضهما بعضاً بالسلاح ضمن مسلسل العمليات والاغتيالات ضد بعضهم بعضاً.

قائد الإرهابيين الإسرائيليين يتخلى عن الحياة في أرض ميعاده «إسرائيل»، وينتقل إلى نيويورك بعيدا عن المصائب وحمامات الدم التي لاحقته في منامه ويقظته... وهي الرسالة الأهم التي تقول إن العنف والعنف المضاد حلقة تنهك الجميع وتفقد القضية محتواها... بحسب ما يطرح سبيلبرغ في الفيلم