والله، إن عالم الكمبيوتر هذا عجيب وغريب... الدخول إلى مواقع، وقراءة ملفات، ومشاهدة صور حية، ومشاهدة أخبار، ومشاهدة مباريات، ومخاطبة الأحباب والأصحاب، والمخاطبات التي تعمل مع أناس الله وحده هو العالم بأشكالهم... تتكلم البنت مع شخص يوصف نفسه بشبيه جون كنيدي، وهو في الحقيقة يشبه بودريا... ويتكلم الولد مع امرأة توصف نفسها بأنها تشبه مارلين مونرو، وهي في الحقيقة تشبه أم حمار.

الكمبيوتر أصبح الشغل الشاغل لغالبية شباب اليوم... فهم يدرسون كمبيوتر، ويعملون واجباتهم المدرسية بواسطة الكمبيوتر، ويتخاطبون ويتراسلون ويصورون و... و... كل هذا بواسطة الكمبيوتر... وعلى هذا الأساس فإن الكثير منهم اما أن يقضي الساعات الطوال في منزله وأمام هذا الجهاز العجيب، واما في مقاهي الإنترنيت المنتشرة بكثرة في كل زاوية من زوايا الشوارع الرئيسية والفرعية.

على أيامنا... كان ذاك، من ذاك الذي يوجد في منزله جهاز التليفون... ولإجراء مكالمة مهمة يجب عليه الذهاب إلى دكان البقالة، واستخدام الجهاز الموجود عندهم، ثم دفع مبلغ 25 فلساً هي أجرة المكالمة الواحدة... وكل فريج يوجد فيه فقط منزل واحد يملك تلفزيوناً، وفي المساء يتجمع كل أهل الفريج في هذا المنزل، إللي جالس في الركنة، وإللي جالس في الروشنة، وإللي نايم في حضن أمه، وكل واحد لازم جايب برنوصه معاه... كل هذا فقط لمشاهدة فيلم عربي من بطولة سراج منير وكوكا.

هاتان النوعيتان من جيلين مختلفين هم الذين يمثلون الشريحة الكبيرة من المجتمع البحريني الحالي... وإذا أضفنا إليهم الجيل الذي قبلنا من آبائنا الكرام الذين مازالوا على قيد الحياة... الله يعطيهم الصحة والعافية... ثم نقيس مستوى المعيشة الفقيرة للغالبية، ونضيف إليها مستوى التعليم... فإننا سنحصل على خليط من المواطنين غالبيتهم اما هم لايعرفون طريقة استخدام الكمبيوتر، أو هم فقط يبصمون بدل التوقيع.

في الجهة الأخرى فإن الكلام يدور في هذه الأيام عن الحكومة الإلكترونية... والتصويت الإلكتروني... والمسئولين لدينا في البحرين شادين الحيل في هذه المسألة، ويعطون أكثر من تصريح، ويجلبون أكثر من خبير، ويعملون أكثر من محاضرة... كل هذا في سبيل توضيح إيجابيات الحكومة الإلكترونية والتصويت الإلكتروني.

الحكومة الإلكترونية... نحن في رأينا المتواضع لا غبار عليها... على أساس أنها غير ملزمة لجميع أفراد الشعب، والذي عنده المقدرة الذهنية والدراسية والمادية فإنه بكل تأكيد يستطيع أن يحصل على الخدمات التي تقدمها الدولة وهو جالس في مكتبه أو في بيته... فقط عليه أن يطلبها بواسطة الخدمة الإلكترونية عبر جهاز الكمبيوتر، وهذه الخدمة مضمونة الصدقية... لكن الذي هو من جماعة البصمة (بدل التوقيع) فإنه من الممكن أن يراجع جميع الدوائر المختصة بتخليص وإنهاء معاملته مشياً على الأقدام.

أما التصويت الإلكتروني... فهو مصيبة ما بعدها مصيبة... ويسبب إزعاجاً وإرباكاً لجميع الأطراف في المملكة... وإذا كانت ولاية فلوريدا التي تقع في الولايات المتحدة الأميركية... قد حصل فيها الكثير من اللغط والاختراقات في الانتخابات الأميركية لمنصب الرئيس، وذلك في العام 2000... فما بالك بما قد يحصل في بلد مثل البحرين إذا كان التصويت في الانتخابات القادمة إلكترونياً.

عادة... وفي بعض الدول التي يجرى فيها التصويت الإلكتروني (نحن نقول بعض الدول الأخرى وليس دولتنا حتى لا يساء فهمي)، وهو الشيء الذي حصل في ولاية فلوريدا... فإنه دائماً ما تكون هناك الكثير من الثغرات الكبيرة والمؤثرة على النتيجة النهائية... حتى أصبح يوزع ويسمى... التصويت الا... لك... ترو... ني...

الا... وهي تلفظ بالألف المكسورة، وتكون الهمزة من تحت... ما يعني بأن حسبة الأصوات ستكون مخفية من تحت ليه تحت، ومن الصعب على أي شخص يستخدم فقط العين المجردة أن يراقب أو يعرف حقيقة هذه الأصوات وعددها... أو من أين جاءت... أو إذا كانت هي أصوات حقيقية أم وهمية.

لك... وهي كلمة موجهة إلى الحبايب تعني: ارقد وآمن...

ترو... وهي كلمة إنجليزية تعني الحقيقة باللغة العربية... ومقصدها صدقني بأنك الفائز بهذا الكرسي.

ني... وهي كلمة لها معنى الرفض باللغة الهندية... وهي موجهة إلى الشخص الذي ينافس الفائز المضمون... وتقول له ني... ني... ني..