يخشى أن يؤدي غرق سفينة (الدانة) إلى حدوث تراجع في أداء قطاع السياحة (أو الضيافة أو الفنادق والمطاعم) في الاقتصاد البحريني. فأداء القطاع السياحي يعتبر حيويا بالنسبة للكثير من القطاعات الاقتصادية الأخرى وخصوصا البناء والتشييد. فتشييد مجمع ترفيهي يترك آثارا ايجابية على أنشطة الكثير من الفعاليات الاقتصادية، والعكس بالعكس في حال تعرض قطاع الضيافة إلى نكسة.
حقيقة يخشى أن يحدث تراجع في أداء القطاع تماما كما حدث في العام 2003، إذ تم تسجيل نمو سلبي قدره 1,2 في المئة في العام 2003 على خلفية حدوث أعمال شغب تندد بممارسات مشبوهة في بعض الفنادق والمطاعم، اندلعت في بداية العام 2003 في شارع المعارض في المنامة. كما حدثت اعتراضات أخرى هنا وهناك في وقت لاحق على خلفية توافر الخمور في بعض المطاعم القريبة من الأماكن السكنية. إضافة إلى ذلك، وقعت أعمال احتجاج ضد الفنانة نانسي عجرم، لإحيائها حفلة طرب مع إطلالة شهر رمضان المبارك.
بيد أن الوضع تحسن بشكل نوعي في العام التالي، إذ أشارت نتائج الناتج المحلي الإجمالي للعام 2004 إلى تسجيل ارتفاع كبير في مساهمة قطاع الفنادق والمطاعم في الاقتصاد الوطني. وبلغت مساهمة القطاع تحديدا 2,3 في المئة في العام 2004 مقارنة بـ 2,1 في المئة في العام 2003. وعليه تم تسجيل نسبة نمو قدرها 18 في المئة في غضون سنة واحدة.
معرض السفر والسياحة
يبقى أن حادث غرق السفينة وقع قبل فترة محدودة من فعالية سياحية مهمة من المزمع عقدها في البلاد. والإشارة هناك بالتأكيد إلى «معرض البحرين الدولي الثاني للسفر والسياحة 2006» المزمع عقده في الفترة ما بين 9 إلى 11 مايو/أيار المقبل. ويتوقع القائمون أن يستقطب المعرض 20 ألف زائر (مقارنة بـ 12 ألف زائر في المعرض السابق) فضلا عن عشرات الخبراء في مجال السياحة، كما تقرر مشاركة 20 دولة في فعاليات المعرض. يبقى علينا الانتظار لمعرفة التداعيات المحتملة للحادث على نتائج المعرض.
مشروعات ضخمة
من جهة أخرى، من السابق لأوانه معرفة الآثار المحتملة لحادث غرق سفينة «الدانة» على بعض المشروعات الضخمة قيد الإنشاء والمرتبطة بطريقة أو بأخرى بالقطاع السياحي. فهناك مشروع «درة البحرين» في جنوب شرق البلاد بكلفة قدرها 490 مليون دينار. والمعروف أن بيت التمويل الكويتي يقوم بالترويج للمشروع بعد أن أشترى حصة «دلة البركة». كما أن هناك مشروع «العرين» بقيمة 283 مليون دينار القريب من حلبة البحرين الدولية في جنوب غرب البلاد. إضافة إلى ذلك، تم الكشف حديثا عن مشروع «رفاع فيوز»، بقيمة 113 مليون دينار والتابع لبنك «أركبيتا».
من جهة أخرى، يلاحظ توجه الكثير من الفنادق إلى إقرار إضافات وتوسعات، كما هو الحال مع الريتز كارلتون، الخليج، الدبلومات ساس. كما قام فندق الشيراتون بإنشاء برجين كبيرين من خمسين طابقا لكل مبنى في وسط العاصمة، فضلا عن إعادة هيكلة مبنى الفندق. ومن سخرية القدر فإن ضحايا العبارة هم من المرتبطين بمشروع البرجين، الذين بدورهم كانوا يحتفلون بإكمال جانب مهم من المشروع الطموح.
المعروف أن غالبية هذه المشروعات العملاقة تستهدف الأجانب وليس المواطنين، والمشهور أيضا أن أصحاب المال يميلون إلى ممارسة شتى أنواع الرفاهية ومن بينها الرياضة البحرية، بيد أن هذه الهواية تعرضت إلى نكسة بسبب غرق سفينة «الدانة»، الأمر الذي قد يثير مخاوف أصحاب المال من الاستثمار في البلاد.
إحصاءات حيوية
إضافة إلى كل ذلك، يعتبر قطاع الفنادق والمطاعم حيويا فيما يخص فرص التوظيف للمواطنين. وحسب المجلس النوعي للتدريب في قطاع التموين والفنادق بلغ عدد أفراد القوى العاملة في العام 2004 في القطاع تحديدا 6946 فرداً. بيد أن غالبية هذه الوظائف (5084) ذهبت للأجانب، مقابل 1862 للبحرينيين. وحسب أرقام غير رسمية هناك أكثر من 100 فندق وشقة مفروشة في البحرين في الوقت الحاضر، توفر فيما بينها نحو 7000 غرفة.
واستنادا إلى إحصاءات صادرة من قبل الجهاز المركزي للمعلومات بلغ عدد القادمين غير البحرينيين للمملكة أكثر من خمسة ملايين ونصف المليون زائر في العام 2004، 80 في المئة من الزوار قدموا عن طريق جسر الملك فهد الذي يربط مملكة البحرين بالشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية. ومن حسن الحظ، لا يوجد نوع من ترابط بين زوار الجسر والرياضة البحرية.
ختاما، من المؤكد أن هناك جهات مسئولة تقاعست عن أداء مهماتها وربما تسببت في وقوع الحادث المأسوي. فقد كشف حادث غرق «الدانة» عن وجود ثغرات كثيرة ومتنوعة في مجال الرقابة على الأنشطة البحرية، وهذا ما سنحاول أن نستكشفه في مقال يوم غد (الخميس)
إقرأ أيضا لـ "جاسم حسين"العدد 1307 - الثلثاء 04 أبريل 2006م الموافق 05 ربيع الاول 1427هـ